وقع بين يديَّ ديوان أغاني الحياة لأول مرّة منذ ما يزيد عن العقد والنصف. ورغم أنّني كنت ولازلت شغوفة بمطالعة كل الأشكال النثرية بجميع صنوفها إلاّ أنني لم أكن أميل للشعر فقد كان ثقيلا على نفسي. لكن أبو القاسم الشابي جعلني ولو لمرّة أتصالح مع آلهة الشعر. حدث هذا في سنين الشباب الأولى، حيث من شغفي بشعره قرأت ديوانه في يومين ومنذ تلك الحقبة كثيرا ما أعدت قراءة قصائد مؤثرة من شعر الحرية والثورة والألم والعاطفة الإنسانية التي يختزلها ببلاغة وجمال وأناقة لم يعرفها شاعر تونسي بعده. بل وكأني بالخضراء قد قررت عقما شعريا أبديا حزنا على أبي القاسم.
لما أزور منزل العائلة في تونس، كثيرا ما أدخل للغرفة التي قضيت فيها طفولتي وجزء
ا من شبابي وبنيت فيها آمالا وأحلاما كثيرة. أتقدم للمكتبة التي أثثتها بنفسي وأتصفح كتبا كثيرة تحمل بين طياتها ذكريات جميلة وتؤرخ لحقبة كانت من أغزر الروافد المعرفية والأدبية في حياتي. فبين الدراسات الجيوسياسية لمرحلة الحرب الباردة وما بعدها والكتب العلمية بأنواعها ومؤلفات طه حسين، نجيب محفوظ، جبران خليل جبران وغيرهم كثير يرقد ديوان أغاني الحياة ملفوفا في غلافه البلاستيكي الشفاف. أفتح الكتاب فأجد بعض الكلمات المخطوطة بخط اليد تحمل المناسبة التي حصلت فيها عليه وتاريخها وبعض الملاحظات. كم جميل عبق الماضي وكم يروق لي عطر قصائد الشابي الزكية. لكم تمنيت لو أن الله سبحانه وتعالى منحه من العمر ما يكفيه ليغرقنا بإبداعه.
وكما احتفى البعض بمرور مائتي سنة على ميلاد العالم الإنقليزي شارلز داروين صاحب نظرية النشوء والتطور فإنني أنا أيضا سأحتفي ولو ببساطة بمرور مائة سنة على ميلاد أحد أعلام بلادي.



في هذه التدوينة، سأقدّم بعضا من أجمل وأبلغ قصائده حسب رأيي وهي من القصائد التي تعبر عن إرادة الحياة ضد إرادة الموت والثورة في وجه الجبروت والأمل والعمل لمجابهة المستقبل.

إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ *** فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر

وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي *** وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر

وَمَنْ لَمْ يُعَانِقْهُ شَوْقُ الْحَيَـاةِ *** تَبَخَّـرَ في جَوِّهَـا وَانْدَثَـر

فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الْحَيَاةُ *** مِنْ صَفْعَـةِ العَـدَم المُنْتَصِر

كَذلِكَ قَالَـتْ لِـيَ الكَائِنَاتُ *** وَحَدّثَنـي رُوحُـهَا المُسْتَتِر

وَدَمدَمَتِ الرِّيحُ بَيْنَ الفِجَاجِ *** وَفَوْقَ الجِبَال وَتَحْتَ الشَّجَر

إذَا مَا طَمَحْـتُ إلِـى غَـايَةٍ *** رَكِبْتُ الْمُنَى وَنَسِيتُ الحَذَر

وَلَمْ أَتَجَنَّبْ وُعُـورَ الشِّعَـابِ *** وَلا كُبَّـةَ اللَّهَـبِ المُسْتَعِـر

وَمَنْ لا يُحِبّ صُعُودَ الجِبَـالِ *** يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَـر

فَعَجَّتْ بِقَلْبِي دِمَاءُ الشَّبَـابِ *** وَضَجَّتْ بِصَدْرِي رِيَاحٌ أُخَر

وَأَطْرَقْتُ، أُصْغِي لِقَصْفِ الرُّعُودِ *** وَعَزْفِ الرِّيَاح وَوَقْعِ المَطَـر

وَقَالَتْ لِيَ الأَرْضُ - لَمَّا سَأَلْتُ : *** " أَيَـا أُمُّ هَلْ تَكْرَهِينَ البَشَر؟"

"أُبَارِكُ في النَّاسِ أَهْلَ الطُّمُوحِ *** وَمَنْ يَسْتَلِـذُّ رُكُوبَ الخَطَـر

وأَلْعَنُ مَنْ لا يُمَاشِي الزَّمَـانَ *** وَيَقْنَعُ بِالعَيْـشِ عَيْشِ الحَجَر

هُوَ الكَوْنُ حَيٌّ، يُحِـبُّ الحَيَاةَ *** وَيَحْتَقِرُ الْمَيْتَ مَهْمَا كَـبُر

فَلا الأُفْقُ يَحْضُنُ مَيْتَ الطُّيُورِ *** وَلا النَّحْلُ يَلْثِمُ مَيْتَ الزَّهَــر

وَلَـوْلا أُمُومَةُ قَلْبِي الرَّؤُوم *** لَمَا ضَمَّتِ المَيْتَ تِلْكَ الحُفَـر

فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الحَيَـاةُ *** مِنْ لَعْنَةِ العَـدَمِ المُنْتَصِـر!"

وفي لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الخَرِيفِ *** مُثَقَّلَـةٍ بِالأََسَـى وَالضَّجَـر

سَكِرْتُ بِهَا مِنْ ضِياءِ النُّجُومِ *** وَغَنَّيْتُ لِلْحُزْنِ حَتَّى سَكِـر

سَأَلْتُ الدُّجَى: هَلْ تُعِيدُ الْحَيَاةُ *** لِمَا أَذْبَلَتْـهُ رَبِيعَ العُمُـر؟

فَلَمْ تَتَكَلَّمْ شِفَـاهُ الظَّلامِ *** وَلَمْ تَتَرَنَّـمْ عَذَارَى السَّحَر

وَقَالَ لِيَ الْغَـابُ في رِقَّـةٍ *** مُحَبَّبـَةٍ مِثْلَ خَفْـقِ الْوَتَـر

يَجِيءُ الشِّتَاءُ، شِتَاءُ الضَّبَابِ *** شِتَاءُ الثُّلُوجِ ، شِتَاءُ الْمَطَـر

فَيَنْطَفِىء السِّحْرُ، سِحْرُ الغُصُونِ *** وَسِحْرُ الزُّهُورِ وَسِحْرُ الثَّمَر

وَسِحْرُ الْمَسَاءِ الشَّجِيِّ الوَدِيعِ *** وَسِحْرُ الْمُرُوجِ الشَّهِيّ العَطِر

وَتَهْوِي الْغُصُونُ وَأَوْرَاقُـهَا *** وَأَزْهَـارُ عَهْدٍ حَبِيبٍ نَضِـر

وَتَلْهُو بِهَا الرِّيحُ في كُلِّ وَادٍ *** وَيَدْفنُـهَا السَّيْـلُ أنَّى عَـبَر

وَيَفْنَى الجَمِيعُ كَحُلْمٍ بَدِيـعٍ *** تَأَلَّـقَ في مُهْجَـةٍ وَانْدَثَـر

وَتَبْقَى البُـذُورُ التي حُمِّلَـتْ *** ذَخِيـرَةَ عُمْرٍ جَمِـيلٍ غَـبَر

وَذِكْرَى فُصُول ٍ، وَرُؤْيَا حَيَاةٍ *** وَأَشْبَاح دُنْيَا تَلاشَتْ زُمَـر

مُعَانِقَـةً وَهْيَ تَحْـتَ الضَّبَابِ *** وَتَحْتَ الثُّلُوجِ وَتَحْـتَ الْمَدَر

لَطِيفَ الحَيَـاةِ الذي لا يُمَـلُّ *** وَقَلْبَ الرَّبِيعِ الشَّذِيِّ الخَضِر

وَحَالِمَـةً بِأَغَـانِـي الطُّيُـورِ *** وَعِطْرِ الزُّهُورِ وَطَعْمِ الثَّمَـر

وَمَا هُـوَ إِلاَّ كَخَفْـقِ الجَنَاحِ *** حَتَّـى نَمَا شَوْقُـهَا وَانْتَصَـر

فصدّعت الأرض من فوقـها *** وأبصرت الكون عذب الصور

وجـاءَ الربيـعُ بأنغامـه *** وأحلامـهِ وصِبـاهُ العطِـر

وقبلّـها قبـلاً في الشفـاه *** تعيد الشباب الذي قد غبـر

وقالَ لَهَا : قد مُنحـتِ الحياةَ *** وخُلّدتِ في نسلكِ الْمُدّخـر

وباركـكِ النـورُ فاستقبـلي *** شبابَ الحياةِ وخصبَ العُمر

ومن تعبـدُ النـورَ أحلامـهُ *** يباركهُ النـورُ أنّـى ظَهر

إليك الفضاء، إليك الضيـاء *** إليك الثرى الحالِمِ الْمُزْدَهِر

إليك الجمال الذي لا يبيـد *** إليك الوجود الرحيب النضر

فميدي كما شئتِ فوق الحقول *** بِحلو الثمار وغـض الزهـر

وناجي النسيم وناجي الغيـوم *** وناجي النجوم وناجي القمـر

وناجـي الحيـاة وأشواقـها *** وفتنـة هذا الوجـود الأغـر

وشف الدجى عن جمال عميقٍ *** يشب الخيـال ويذكي الفكر

ومُدَّ عَلَى الْكَوْنِ سِحْرٌ غَرِيبٌ *** يُصَـرِّفُهُ سَـاحِـرٌ مُقْـتَدِر

وَضَاءَتْ شُمُوعُ النُّجُومِ الوِضَاء *** وَضَاعَ البَخُورُ ، بَخُورُ الزَّهَر

وَرَفْرَفَ رُوحٌ غَرِيبُ الجَمَالِ *** بِأَجْنِحَـةٍ مِنْ ضِيَاءِ الْقَمَـر

وَرَنَّ نَشِيدُ الْحَيَاةِ الْمُقَـدَّسِ *** في هَيْكَـلٍ حَالِمٍ قَدْ سُـحِر

وَأَعْلَنَ في الْكَوْنِ أَنَّ الطُّمُوحَ *** لَهِيبُ الْحَيَـاةِ وَرُوحُ الظَّفَـر

إِذَا طَمَحَتْ لِلْحَيَاةِ النُّفُوسُ *** فَلا بُدَّ أَنْ يَسْتَجِيبَ الْقَـدَرْ

آه ثم آه، يا ليت قومي وقومك يفقهون معاني قصيدتك هذه يا ابن بلدي ثمانين سنة أويزيد بعدما حبرتها باالطبشورعلى الحيطان. يا ليتهم يحسّونها بقلوبهم ويفهمونها بعقولهم وينهضون!

ألا أيها الظَّالمُ المستبدُ حَبيبُ الظَّلامِ، عَدوُّ الحياهْ
سَخَرْتَ بأنّاتِ شَعْبٍ ضَعيفٍ وكفُّكَ مخضوبة ُ من دِماهُ
وَسِرْتَ تُشَوِّه سِحْرَ الوجودِ وتبذرُ شوكَ الأسى في رُباهُ
رُوَيدَكَ! لا يخدعنْك الربيعُ وصحوُ الفَضاءِ، وضوءُ الصباحْ
ففي الأفُق الرحب هولُ الظلام وقصفُ الرُّعودِ، وعَصْفُ الرِّياحْ
حذارِ! فتحت الرّمادِ اللهيبُ ومَن يَبْذُرِ الشَّوكَ يَجْنِ الجراحْ
تأملْ! هنالِكَ.. أنّى حَصَدْتَ رؤوسَ الورى، وزهورَ الأمَلْ
ورَوَيَّت بالدَّم قَلْبَ التُّرابِ وأشْربتَه الدَّمعَ، حتَّى ثَمِلْ
سيجرفُكَ السيلُ، سيلُ الدماء ويأكلُك العاصفُ المشتعِلْ

كم من ظالم عاش ويعيش بيننا وجبننا وذلّتنا أقوى علينا من حد سيفه... آه يا أبا القاسم، لو يعلم قومي كم هم صابئون وعن الحرية معرضون!
ومن أجمل قصائد الشابي المغنّاة، قصيدة "يا ابن أمي" التي غنّتها الرائعة ماجدة الرومي:

خلقت طلـيقا كـطــيف النّــســيم وحرّا كـنور الضـّحى في سـمـاه
تغـــرّد كالطّيــر أيــن انـــدفعـت وتـشـدو بما شاء وحي الإلــــه
و تمــرح بـيـن ورود الصّبــاح و تنعم بالـــــــنّــور أنـّى تــــراه
وتمشي كمـا شئت بين المروج و تقطـف ورد الـرّبـى فـي ربــاه
***
كذا صاغــك الله يـا ابن الوجـود وألقتـك في الكون هـذي الحيــاه
فمـالــك ترضى بــــذلّ القـيـــود وتحنــي لـمن كـبّلــوك الجـبــاه
وتسـكت في النّــفس صـوت الحيـاة الـقــــويّ إذا مـــا تـغنـّى صــداه
وتطبـق أجـفــانـــك النـّيّــــرات عن الفجـر والفجـر عذب ضـياه
وتقنع بالـعيـش بين الكهـــوف فأيـن الـنّشـيـد؟ وأيـن الإبـــــاه؟
أتخـشى نـشيـد السّماء الجميــل أترهــب نور الفضـا في ضحاه؟
ألا انهض وسر في سبيل الحياة فمن نـــام لم تـنـتـظره الحيـــــاه
ولا تخشـى ممـّـا وراء التّــلاع فما ثـمّ إلاّ الضّحـى في صبـــــاه
وإلاّ ربــيع الوجـــود الغــريــر يـطـرّز بالــورد ضــــــافـي رداه
وإلاّ أريـــج الزّهـــور الصّبـاح ورقص الأشعّة بيـن المـيــــــاه
وإلاّ حـمــام المـروج الأنيـــــق يغرّد منطـلــقــا فـــــي غـنــــــاه
إلى النّـور فالنّور عـذب جمـيــل إلى النّـور فالنّور ظلّ الألــــــــه




القصيدة بصوت ماجدة الرومي (بتصرّف)
التحميل هنا

اسمح لي يا أبا القاسم في أن أقتطع بعضا من أبياتك وأهديها للأرض التي أضحت في عرف الغوغاء "جربوعستان" و"حمقستان"! أي نعم، لاتستغرب يا سيدي فالأرض التي شهدت كفاح الرجال من أجلها لم تعد تعني لبعض مواطنيها شيئا. لا تستغرب فنحن في عهد الرّكود والجحود.

عذبةٌ أنتِ كالطفولة كالأحلام كاللحنِ كالصباحِ الجديدِ

كالسماء الضحوكِ كالليلةِ القمراءِ كالوردِ كابتسامِ الوليدِ

يا لها من وداعـةٍ وجَمالٍ وشبابٍ منعّمٍ أملودِ

يا لَهَا من طهارةٍ تبعثُ التقديسَ في مهجة الشقيّ العنيد

يا لها من رقّةٍ تكاد يرفّ الوردُ منها في الصخرة الجلمود

أيّ شيء تراك هل أنت فينيس تَهادت بين الورى من جديد

لتعيد الشبابَ والفرحَ المعسـولَ للعالَمِ التعيس العميـد

أم ملاك الفردوس جاء إلى الأرضِ ليحيي روح السلام العهيد

أنتِ .. ما أنتِ ؟ رسمٌ جَميلٌ عبقريٌّ من فنّ هذا الوجود

فيك ما فيه من غموضٍ وعمقٍ وجمالٍ مقدّسٍ معبود

أنتِ ما أنتِ؟ أنت فجرٌ من السحر تَجلّى لقلبِي المعمود

فأراه الحياةَ في مونق الحُسن وجلّى له خفايا الخلود

أنت روح الربيع تختال في الدنيا فتهتز رائعاتُ الورود

تهب الحياة سكرى من العطر ويدوّي الوجود بالتغريد

كلما أبصرتك عيناي تَمشين بخطو موقّع كالنشيد

خفق القلبُ للحياة ورفّ الزهرُ في حقل عمري الْمجرود

وانتشت روحي الكئيبة بالحبّ وغنّت كالبلبلِ الغرّيد

أنت تحيين في فؤادي ما قد مات في أمسي السعيد الفقيد

وتشيدين في خرائب روحي ما تلاشى في عهدي الْمجدود

من طموحٍ إلى الجمالِ إلى الفنِّ إلى ذلك الفضاءِ البعيد

وتبثين رقّة الأشواق والأحلام والشدو والهوى في نشيدي

بعد أن عانقت كآبة أيامي فؤادي وألْجمت تغريدي

أنت أنشودة الأناشيد غنّاك إلهُ الغناء ربّ القصيد

فيك شبّ الشباب وشّحَهُ السحرُ وشدو الهوى وعطر الورود

وتبثين رقّة الأشواق والأحلام والشدو والهوى في نشيدي

بعد أن عانقت كآبة أيامي فؤادي وألجمت تغريدي

أنت أنشودة الأناشيد غنّاك إلهُ الغناء ربّ القصيد

فيك شبّ الشباب وشّحَهُ السحرُ وشدو الهوى وعطر الورود

وقوام يكاد ينطق بالألحان في كل وقفة وقعود

كل شيء موقع فيك حتى لفتة الجيد واهتزاز النهود

أنت..أنت الحياة في قدسها السامي وفي سحرها الشجيّ الفريد

أنت.. أنت الحياة في رقة الفجرِ وفي رونق الربيع الوليد

أنت .. أنت الحياة كل أوان في رواء من الشباب جديد

أنت.. أنت الحياة فيكِ وفي عينيك آيات سحرها الممدود

أنت دنيا الأناشيد والأحلام والسحر والخيال المديد

أنت فوق الخيال والشعر والفن وفوق النهى وفوق الحدود

أنت قدسي ومعبدي وصباحي وربيعي ونشوتي وخلودي

يا ابنة النور إنني أنا وحدي من رأى فيك روعك المعبود

فدعيني أعيش في ظلك العذب وفي قرب حُسنك المشهود

عيشة للجمال والفن والإلهام والطهر والسنَى والسجود

عيشة الناسك البتول يناجي الرب في نشوة الذهول الشديد

وامنحيني السلام والفرح الروحي يا ضوء فجري المنشود

وارحميني فقد تَهدمت في كون من اليأس والظلام مشيد

أنقذيني من الأسى فلقد أمسيت لا أستطيع حَمل وجودي

في شعب الزمان والموت أمشي تحت عبء الحياة جم القيود

وأماشي الورى ونفسي كالقبر وقلبي كالعالم المهدود

ظلمة ما لَها ختام وهول شائع في سكونِها الممدود

وإذا ما استخفى عبث الناس تبسمت في أسى وجُمود

بسمة مرة كأني أستلّ من الشوك ذابلات الورود

وانفخي في مشاعري مرح الدنيا وشدّي من عزمي المجهود

وابعثي في دمي الحرارة علّي أتغنى مع المنَى من جديد

وأبثّ الوجود أنغام قلب بلبليّ مكبلٍ بالحديد

فالصباح الجميل ينعش بالدفء حياة المحطم المكدود

أنقذيني فقد سئمت ظلامي أنقذيني فقد مللت ركودي

آه يا زهرتي الجميلة لو تدرين ما جدّ في فؤادي الموحود

في فؤادي الغريب تُخلق أكوانٌ من السحر ذات حسن فريد

وشُمُوس وضاءة ونجوم تنثر النـور في فضاء مديد

وربيع كأنه حلم الشاعر في سكرة الشباب السعيد

ورياض لا تعرف الحلك الداجي ولا ثورة الخريف العتيد

وطيـور سحرية تتناغى بأناشيد حلـوة التغريد

وقصور كأنها الشفق المخضوب أو طلعة الصباح الوليد

وغيوم رقيقة تتهادى كأباديد من نُثـار الورود

وحياة شعرية هي عندي صورة من حياة أهل الخلود

كل هذا يشيده سحر عينيك وإلهام حسنك المعبود

وحرام عليك أن تهدمي ما شاده الحسن في الفؤاد العميد

وحرام عليك أن تسحقي آمال نفس تصبو لعيش رغيد

منك ترجو سعادة لم تجدها في حياة الورى وسحر الوجود

فالإله العظيم لا يرجم العبد إذا كان في جلال السجود


بارك الله في ترابك يا تونس ورحمك الله يا أبا القاسم...

إقرأ المزيد...
كتبت هذا النص: عبرات، ألم و أمل في الجمعة، فيفري 27، 2009

السّلام عليكم،
بربّي سامحوني
، في التدوينة هاذي باش نوجّه رسالة مفتوحة للأخت العزيزة عبرات ونقدّم فيها مجموعة من الملاحظات اللّي نراها ضرورية في الظرف الرّاهن. يقول القايل علاش الملاحظات هاذومة ما وجّهتهمش كما جرت العادة بالبريد الإلكتروني أو وسائل أخرى. السبب بسيط وهو رغبتي في أنّ القرّاء الكرام يطّلعوا على بعض تفاصيل موقفي من حكاية التصنيف اللّي صار عليها أخذ وردّ كبيرين في حين أنّو القليلين ناقشو مختلف الأفكار والتدوينات اللي تكتبت في المدونة هاذي وما عندهاش بالضرورة علاقة بالتصنيف.
أختي العزيزة عبرات،
أعتقد أنّو علاقة الصداقة بيناتنا متينة وأخوية وعندها سنين. وإنت تعرفني مليح وتعرف طبيعة مواقفي وطريقة تفكيري باعتبار السنين اللّي عدّيناها مع بعضنا. تتفكر وقت اللّي عرضت علي مشروع المدونة قتلك اللّي [
المثالية المفرطة] متاعك -اللّي ترعرعت في تربة عربية وأزهرت في تربة غربية- جعلتك ترتكب خطأ إستراتيجي باش يساهم في التشويش على الأهداف الحقيقية للمدونة. أوّل مرة شفت التصنيف قتلك "عبرات، شيء ماكش باش تتخلص من النظرة المثالية برشة اللي تحب تحققها في واقع لا يَحتمل وغير مهيأ عمليا لهكذا تصورات؟". ضحكت و قتلي "الحلم موش عيب وطريق الألف ميل تبدأ بخطوة". قتلك "فمّة فرق ما بين خطوة في أرض رملية وخطوة في أرض سهلة وخطوة في أرض الكلّها ألغام وين مع كل خطوة تقول زعمة هاذي لخّرة!"
وتكلمنا وقتها وناقشنا برشة حاجات. بالطبيعة إنت أكثر الناس اللي يعرفو موقفي من المدونات هاذي والأفكار اللي يروّجو فيها وتتفكر مليح كيف سألتني على رأيي قتلك أنو شخصيا ما عدى زوز مدونات ظاهر اللي أصحابها ناقصين شوية إطّلاع ويلزمهم المزيد من الخدمة فالبقية ما نرضاش باش نصنّفهم في القسم العاشر للبهامة. ورغم ذلك قتلك ما كانش من الحكمة أنك تنشر التصنيف هذاك
ة لأسباب عديدة. هاو باش نستعرضلك بعجالة ربط ما بين الأسباب اللي قتلك عليهم وقتها واللي صار فعلا. بالطبيعة ما كانش ممكن في الوقت هذاكة أنك تتراجع خصوصا وأنو خبر التصنيف انتشر كيف النار في الهشيم واسمع يا اللي ما تسمعشي هاو فمة مدونة تصنّف وتتهم بالغباء والعمالة وغيرو. آنا عرضت عليك أنّك ما تجاوبش على التصنيف. قتلي "آنا عطيت وعد وولاّت المصداقية متاعنا في الميزان وموش مسموحلي باش نلعب بيها". قتلك "أعمل بروفيل با" قتلي "بروفيل با معناها باش نتراجع ونتراجع معناها القارئ باش يفهم اللي آنا اعترفت بخطأ وبناء عليه يلزمني نعتذر... هاذا أشنوة الأصول تقتضي. في حين أنّي نعتبر أنو من حقي باش نعبّر على اتفاقي أو اختلافي مع أيّ كان". قتلك "أمامك حل واحد: تواجه العاصفة البدائية اللّي موش باش ترحمك حتى طرف". قتلي "آنا مقدّرة الموقف ونتفق معاك أنو ربما تسرّعت لكن هاذا ما يمنعش أني باش نتحمل مسؤولية رأيي وإنْ دُفعت لمواجهة أيّ كان، ناو بروبلم". قتلك "أوكي، آما حط في بالك اللّي المواجهة هاذي باش تكون كل شيء ما عدا أنّي تكون فكرية". إنت أكثر الناس اللّي تعرف اللّي آنا قتلك لكلام هاذا موش خوف ولا رهبة وظاهرلي تتفكّر عليسة في مواجهات فكرية وجه لوجه وعشرة مرات أعنف ملّلي موجود في البلوغوسفير. هاذيكة كانت مواجهات حافظت على مستوى معين وما هبطتش لحد السباب الجنسي المقذع. لكن اليوم شوف المستوى اللي وصلّو الحوار. أحيانا الحكمة تقتضي التراجع خصوصا كيف يكون الخصم محكوم بعقلية القطيع ويمشي بمبدأ "انصر أخاك ظالما أو مظلوما" بالطبيعة دون أن يولي اهتمام لمعنى ظالم أو مظلوم، ويتصرّف على أساس اوقف معاي اليوم تلقاني غدوة والمتسلّفة مردودة.
أوّل خطأ هو أنك كنت تتصوّر في الناس اللّي صنّفتهم وحتى البعض من لخرين واللّي حسب رايك عندهم مستوى معرفي محترم
، باش يتقبلو بصدر رحب أي نقد يتوجهلهم. رؤيتك المثالية للأشياء خلاّتك تعتقد أنو أي شخص يرفع شعار بالضرورة يلتزم بيه خاطرك إنت تعلّمت تلتزم باللي تقولو. في حين أنو التجربة أثبتت عدم صحة هكذا إسقاطات في مجتمعات شرقية مكبوتة، عنيفة وتعاني قصور رهيب في ثقافتها وتكوينها الإجتماعي. الرؤى متاعك واللي بلسانك عطيتني برشة أمثلة تثبتها، موجودة تقريبا حصريا، في مجتمعات غربية نجحت رغم الآلة الليبرالية المتوحشة واللوبيات التي لا تشبع في إرساء دعائم مجتمعات تقبل نسبيا الاختلاف والنقد وأنشأت أنظمة تعليمية وثقافية قادرة على تربية الشخص وتوعيتو أنو ماهواش عايش وحدو في البلاد وفمة ناس أخرين معاه وبالتالي فمة قواعد يلزم الناس الكل تحترمها باش ينجموا يعيشو من غير مشاكل. والقواعد هاذي مجعولة لتحقيق الحرية والمساواة والعدالة للجميع.
الخطأ الثاني هو كيف إعتبرت أنّو الناس هاذوما عندهم نفس الدقة والمنهجية متاعك بحيث تقرى النصوص بدقة وما تستشهد بحاجة كان
كيف يبدا عندك الدليل وهاذا شيء موش غريب على شخص بالتجربة الأكاديمية والعلمية متاعك. لكن التصوّر هاذا يسقط كيف يواجه ناس تحمل أفكار مسبقة أو/و نزعة عاطفية في التعامل مع الأشياء أو/و ما أسوأ وهو الإنطلاق من استنتاج والبحث عن تفسير له في النص عوض إعتماد الإتجاه المعاكس. وفمة برشة أمثلة منهم على سبيل المثال، تفسير مصطلح الغباء واللّي إنت فسّرتو وحللتو وبرّرتو وحتى حد ما عطا قيمة لكلامك بل الناس الكل تقريبا إعتبروه شتيمة موجهة لشخص المدونين واللّي هو بالطبيعة كلام عاري من الصحة. بالطبيعة الناس هاذومة عمرهم ما برّروا العبارات من قبيل "بهامة"، "غباء"، "خوانجي" وحتى عبارات أكثر صفاقة هاجمو بيها بلاد كاملة بتاريخها وناسها وأرضها وشهدائها اللّي قاومو المستعمر باش اليوم يجي من أحفادهم أشكون يطلق على تونس ألفاظ من قبيل "جربوعستان" و"حمقستان"! بالطبيعة من غير ما نتكلمو على سذاجة البعض اللّي على ما يبدو، يعشق برشة إذاعة "قالوا" وينطلق من أخبارها باش يؤلّف ويأوّل وينفخ في فزّاعات وهمية للتضليل وإعطاء أبعاد غير صحيحة للمشكل الحقيقي، فواحد قلّك إنتوما خوانجية وبعد قلّك انتوما تمارسو في الوصاية على القارئ ولاخر قلّك إنتوما تقومو باستفزاز مجاني وتستاهلو اللّي صارلكم وهات من هاك اللاوي.
الأسباب هاذي هي اللي خلاتني نطلب منك
سابقا باش متجاوبش لأني نعرف عن تجربة، نوعية العقول اللي على الطرف الآخر ولأني نعرف اللي الناس هاذوما في مجملهم قيمهم الأخلاقية غير سليمة والدليل إلتجاءهم للسباب الجنسي ضد إناث. هاذا مردّوا أنو في مجتمع ذكوري، المرأة لا يمكن إلا أنو تكون عورة وآلة تفريخ (بالنسبة لأصحاب العمائم وأتباعهم) أو أكسسوار جنسي ومتاع للتباهي أمام الأصدقاء وقضاء الليالي الحمراء (بالنسبة للإلحاديين السذج -حقوق التأليف للمدون طارق- والعلمانيين بوخمسة ملاليم). يعني في كل الحالات المرأة لا يمكن أن تكون سوى وسيلة شهوة لا أكثر ويعتقد الرجل أنو الجنس هو وسيلة السيطرة عليها وإهانتها. لذلك تشوف أنو الراجل ما يسبّ المرا كان بمعجم الفعل الجنسي المباشر. شوف كذلك كيفاش الطرف المقابل يحاول يشكك في أنّو القائم أو القائمين على المدونة هاذي في الحقيقة راجل ولاّ مجموعة رجال! هاذا شيء موش إعتباطي لسببين أوّلهم أنو الرجل الشرقي لا يتقبل عموما فكرة أنّو مرا تعاندو في أفكارو فما بالك تنعتو بالغباء وتكتب نصوص في السياسة والإعلام وغيرها -واللّي هي ميادين عموما رجالية- وثانيهم للتقليل من أهمية السباب الجنسي باعتبار أنو الرجال ما بيناتهم متعودين على تبادلو لأتفه الأسباب. بالطبيعة نظرة كيف هاذي تسبب الغثيان وتؤلم لكن هاذاكة هو الواقع اللّي تعاملت معاه أختي العزيزة بمثالية وتجرّد في تقديري، زايدين عن الحدّ المعقول.
وكيف تحلل خطاب الناس هاذومة واللّي ما تناولش ولو بشكل عابر أي فكرة مركزية لكن ركّز على التهم وتلصيق الإيتيكات من نوع "التخونيج"، "الفاشية"، "أقلام صفراء ودعائية" وخلافو. في حين حيّد تماما أيّ نقاش في صلب الموضوع حتى لمجرّد الإحراج. وتلاحظ بالطبيعة أنو كل الأصوات سواء المعنية بشكل مباشر أو اللي قدمت نفسها على أنها أقلام معتدلة (ما عدى ولادة اللي سبق و
وضحت موقفها) وفجأة أصبحت الأصوات هاذي هي اللي تقود في الهجوم قال اشنوة مريضة وتعدّيت على حرية الآخرين وتمارس في الوصاية على عقول القرّاء ومتصنفليش مدونتي حتى في خانة شقيق أو صديق وأشياء أخرى مضحكة. كيف تتأمل ردود الفعل تلقى خطاب واحد: مثلا واحد قال "تخونيج علمي"، لاخر قال "الخوانجية يفسدو كل شيء"، الثالث قال "تنعتو فينا بالاسلاموفوبيا وهي تعبير ملطّف للتكفير" ومنعرفش منين جاب كلام بهالخطورة، واحد قال "فاشية" ولاخر قال "محاكم تفتيش" والثالث قال "محاكمة نوايا"، واحد قال "برافدا" والثاني قال "تنبير" والثالث قال "دعاية"، إلخ. فقط توقّف شوية عند تهمة "التخونيج" اللي استعملوها كتشويه متعمّد وسهل خصوصا أنّو الناس تخاف من المصطلح هاذا بالذات. الشيء هاذا يذكرني بربط المسلمين بالإرهاب في الغرب لأغراض دعائية.
أختي العزيزة عبرات،
أعتقد أنو هكذا تجارب مفيدة للغاية إذا عرفنا نستخلصو منها أفضل الدروس. هاو توّة ولات عندك فكرة على الفضاء اللّي قاعدة تكتب وتستعرض فيه أفكارك.
النهار اللّي تناقشت فيه معاك ومع أختنا تانيت على المشاركة في هالمشروع تفاهمنا على أهداف يلزم كل واحد منّا يسعى لتحقيقها من جانبه. ها العاصفة البيزنطية عطّلت كل أهداف المدونة وشتّت المجهود في صراعات جانبية لا معنى لها مقارنة بالهدف الأصلي. وهاذا كان له خسائر ونتائج سيئة. مثلا آنا شخصيا كان عندي برشة تدوينات وتعليقات حول مواضيع أصبحت الآن غير قابلة للإستهلاك خاطر إنتظارنا لتصفية الصّراع هو اللّي كان سبب في نهاية صلوحيتها. أعتقد أنو حان الوقت للتفكير بجدية في المرحلة القادمة والقيام بتقييم موضوعي وجدّي للموقف. وإذا اقتضى الأمر التراجع عن بعض المواقف أو تعديل المسار للتقدم بشكل أفضل فلا بأس. لابد من النقد الذاتي وعدم إغلاق الباب أمام فرضيّة التغيير. ويلزم تتفكر ديما اللّي ولحد الآن التجربة التحريرية ناجحة في تقديري، لأنو الخروج بمثل هذا التناغم والتكامل في النصوص أمر صعب رغم أنّو أحيانا توصل بينا الإختلافات إلى طريق مسدود.
مع كل حبّي واحترامي وتقديري،
المخلصة علّيسة

إقرأ المزيد...
كتبت هذا النص: علّيسة، عروس البّحر في الاثنين، فيفري 23، 2009

قد يكون البعض منكم قد تفاجأ بتغير النشيد الرسمي للمدونة من أغنية "لن نستسلم ..." إلى أغنية راب أو تكتونيك (الحقيقة لا أعلم الفرق بينهما). هذا التغيير حدث دون سابق إعلام في فترة غيابنا عن التدوين. ربما استغرب بعضكم تغير الأغنية من الإلتزام إلى "هزّ الحزام". الحقيقة، اكتشفت هذا الأمر هذا اليوم وبمراجعة دقيقة لشفرة الآتش تي آم آل تمكنت من استجلاء الأمر.
ما وقع للأسف الشديد هو أن أحدهم (والله أعلم من يكون) قد استغلّ قصور تقني في شفرة المشغل الذي نستعمله وقام بتغيير إسم الملف الصوتي إلى آخر مشابه ولكن غير الملف الأصلي... أنا شخصيا لا أتّهم أحدا معيّنا بذلك ولكن من الواضح أن هناك من لا يرغب في سماع أصواتنا في البلوغوسفير. هذا سلوك إقصائي وغير حضاري بالمرّة. ولن أعطي دروسا في هذا المجال فقط لأن من أقدم على مثل هذا الفعل لم يعد ينفع معه شيء. أريد أن أشير هنا أن هذا الشخص قام بتغيير شفرة ملف صوتي آخر كانت تانيت قد استعملت نفس المشغل لإضافته لهذه التدوينة (هنا). هذا الملف هو تحديدا تسجيل لإحدى حلقات برنامج بلا حدود. يبدو أنّه لو استطاع هذا الشخص لنسف الموقع من أساسه. إلى الآن وأنا أقوم بمراجعة كل التدوينات للتثبت من مدى "الخسائر"... عملية التثبت لم تنته بعد وأرجو أن يكون "هذاكا حد البّاس"! وتحيا حرية التعبير...
بداية، تجدون صورة وشفرة الآيتش تي آم آل للمشغل الذي سبق واستعملناها هنا. نحن نستعمل مايلبوكسدرايف
(هنا) لحفظ الملفات الصوتية واستعمال امتداداتها مباشرة مع مشغّل فلاش و إضافتها بسهولة في تدويناتنا. هذا الخيار التقني كان سهلا وسريعا ولكنه غير مأمون. ومبرّره هو عدم وجود الوقت لمثل هذه التفاصيل التقنية الصغيرة فالأهم هو أن تصل الأفكار للآخرين ولم يكن باعتقادنا أنه ثمّة من سيفكّر بطريقة سيّئة كهذه. تجدون في الصورة الأولى الرابط لملفّ أغنية "لن نستسلم..." على حساب مايلبوكسدرايف خاصّتنا.


صورة من حساب مايلبوكسدرايف

لاحظ أن الرّابط الحقيقي للملف هو:

http://files1.mailboxdrive.com/mp3s/m/mylife.tears@yahoo.fr/857515.mp3

انظر الآن للصورة الثانية وهي جزء من شفرة الآيتش تي آم آل للصفحة الأولى للمدونة. ولاحظوا التغيير المحاط بمستطيل أحمر.

جزء من كود الآيتش تي آم آل الذي تمّ تغييره

لاحظ الآن كيف تغيّر الرابط إلى ما يلي:
http://files1.mailboxdrive.com/freemp3s/m/mylife.tears@yahoo.fr/857515.mp3
ما أردت ملاحظته هو أنني لاحظت مؤخرا بعض الإتصالات التي تتمّّ عبر أجهزة بروكسي البعض منها في سويسرا والبعض الآخر في ألمانيا. المهم أنني أقوم الآن بعملية باك آب شاملة للمدونة لحفظ النصوص التي لم يتمّ حفظها سابقا. وآمل ألاّّ يتطوّر الأمر إلى أبعد من ذلك. بالنسبة للملفات الصوتية فستصبح متاحة إن شاء الله في أقرب فرصة. وشكرا.

إقرأ المزيد...
كتبت هذا النص: عبرات، ألم و أمل في السبت، فيفري 21، 2009

اتهم المسمى عاشور الناجي في تدوينة له (هنا) المدون طارق والمدون فري رايس بالوقوف وراء مدونة النضال ضد الطابور الخامس ومهاجمته ومهاجمة مدونين آخرين من خلالها بتهم تتراوح ما بين الصهيونية والإسلاموفوبيا... وكمشرفة على هذه المدونة أرى أنه من أوكد واجباتي توضيح ما يلي:
أولا، لا يقف وراء مدونة النضال ضد الطابور الخامس سوى صاحباتها الحقيقيات وهن عبرات (المؤسّسة والمشرفة على المدونة وعلى قسم التوثيق فيها)، علّيسة (محرّرة ومشرفة على متابعة الإعلام والنشر الالكتروني) وتانيت (محرّرة ومشرفة على الملف العلمي والتقني). ورغم أن القانون الأساسي لهذه المدونة يسمح بنشر مساهمات أشخاص آخرين غير محرري المدونة فإننا ولحدّ هذه الساعة، لم نتلق من أيًّ كان أية مساهمات مهما كان شكلها كما أننا ملتزمون تمام الإلتزام بنسبة أية أعمال لأصحابها الحقيقيين عكس ما يقوم به الكثيرون من القص واللصق والسرقة الفكرية دون وازع من أخلاق أو ضمير.
ثانيا، أؤكد أننا نكتب بكل إستقلالية وحرية وأنّ سياستنا التحريرية تتحدّد بالتشاور داخليا وعلى أساس ديموقراطي بين مختلف المحررين.
ثالثا، أؤكد أنّ ما يجمعنا بالمدونين طارق وفري رايس علاقة إحترام وتقدير متبادلة وليس لأي منهما أية مسؤولية أو دخل في ما ينشر على صفحات هذه المدونة ولا علم لأي منهما بمشاريعنا أو حقيقة هويّاتنا أو غير ذلك.
رابعا، أننا نتعامل مع كل المدونين في البلوغوسفير بمبدأ الإحترام المتبادل ولو اختلفنا في الأراء
، ونفتح السبيل أمام الجميع للتعبير بكل حرية في إطار هذه المدونة. أمّا من يعتمد طريقة السب والشتم والقذف كوسيلة لحل خلافاته الفكرية فليس له منّا أي احترام أو ترحيب ولسنا على استعداد للدخول معه في أي نقاش مهما كان.
خامسا، أعلن مسؤوليتي الشخصية على ما يسمّى ب"التصنيف" وأبرّئ جملة وتفصيلا، علّيسة وتانيت من أية مسؤولية في هذا الخصوص وذلك لأن التصنيف سبق انخراطهن في هذه المدونة ولتحفظاتهن السابقة واللاحقة عليه.
سادسا، أقدّم خالص إعتذاري لعلّيسة وتانيت ولكلندو وطارق وفري رايس
وأمين وسفيان وكل الذين تعرّضوا للشتم أو التحامل من طغمة سيئة الأخلاق تقول ما لا تفعل وتعتقد أن البلوغوسفير "رزق السيد الوالد!" بسبب رأي أصرّيت ولازلت أصرّ على حقي في التعبير عنه خاطئا كان أو صائبا. كما أشكر كلّ الذين ساندوا حقي في التعبير عنه وكذلك الذين انتقدوني بكلّ هدوء واحترام.
سابعا، عدم ردّنا لحد الآن على التهم المكرّرة والساذجة التي أطلقها ويطلقها من تعوزه الحجّة ويفتقد للدليل لا تعني أنّنا لا نجد ما نردّ به أو أننا قناع لأناس آخرين.
ثامنا، نرفض جملة وتفصيلا ما رمانا ويرمينا به مجموعة من ضيّقي الأفق وعديمي النضج الفكري والقيمي من تهم يائسة وبائسة من قبيل "ال
تخونيج"، "التنبير"، المزايدة على الوطنية، الإختباء خلف الأنوثة والبادئ أظلم وهلمّ جر من الأعذار التي يسوقونها لإخفاء عجزهم عن مقارعة الحجّة بالحجّة. هذا إضافة للمعجم السوقي المبتذل الذي شنّفوا به أسماع كل مرتاد للفضاء الإفتراضي التونسي والذي ينمّ على انحطاط أخلاقي رهيب ومستوى قيمي يدعو للشفقة ومحاولة تعبير عن "رجولة" موهومة لا وجود لها إلاّ في مخيلاتهم المريضة.
تاسعا، أدعو كل القرّاء إلى الحذر والإنتباه لهكذا حملات مجانية وندعوهم بكل لطف لقراءة كل ما كتبناه قبل أن يحكموا علينا. لا ندعوكم للوقوف في صفّنا وإنّما ندعوكم لتقرؤوا وتتمعنوا جيّدا في كل نصوصنا قبل أن تتخذوا أيّة مواقف.
عاشرا، ردًّا على كل الذين قالوا أنّ هذه المدونة نشأت لتهاجم هؤلاء الجهابذة الذين أثبتوا مستوياتهم التافهة بألسنتهم القذرة ونعتهم بالطابور الخامس والصهيونية أقول وهذا الكلام تعبير عن رأي شخصي لا دخل لأحد فيه: هذه المدونة لم تنشأ لمقارعة أيّ مدوّن كان خصوصا هؤلاء الذين أثبتوا إفلاسهم
الفكري منذ زمن بعيد. هذا وقد نظر الجميع لبعض التدوينات التي نقدت مواقف بعض المدونين في حين نسي الأغلبية أن ثلثي تدويناتنا تقريبا تحدّث عن طابور خامس موجود في القصور أو غرف التحرير. لا أحد -منهم- تنبّه لذلك عن قصد أو عن غير قصد. أقولها صراحة: ما أثبته هؤلاء المدونين -والذين كنت أكنّ للكثيرين منهم إحتراما كبيرا لما يكتبونه رغم اختلافي معهم- من مستوى لا يستحقّ أن يُنشأ من أجله مدونة. فكأننا بصدد السجال مع ديكارت أو هيجل فشتّان بين الثرى والثريا!
بالنسبة لتهمة الطابور الخامس فإنني أقولها بصراحة متناهية بأنّ من صُنّفوا في قائمة عاشور الناجي يُعتبرون في عرفي أذيال وببغاوات وأبواق لا عقل ولا فكر لها لطابور خامس وأسياد له مبثوثون كالفقاع في الغرب والشرق ويمتدّون من بلاطات الحكام وحتى قاعات التدريس. أنا لا أتّهمهم بالعمالة وإنّما أتهمهم بالحمق والغباء والوقاحة. وقليل العقل قد يجرّ من الكوارث على أهله ما لا يقدر عليه شديد الدهاء.
وللحديث بقيّة...

إقرأ المزيد...
كتبت هذا النص: عبرات، ألم و أمل في

في استطلاع الرأي لشهر يناير2009 طرحنا السؤال الآتي:

ماهو التحدي الأكبر الذي تواجهه الدول العربية خلال هذه المرحلة؟
والإجابات التي اقترحناها هي الآتية:
  • الإسلام السياسي
  • الإرهاب
  • إستبداد الديكتاتوريات
  • الطابور الخامس
  • تحالف الولايات المتحدة وإسرائيل
  • طموحات إيران
  • أسباب داخلية (إجتماعية، إقتصادية،...)
  • تحديات أخرى
وكانت نتائج التصويت كالتالي (انظر الجدول والصورة أسفله):


عدد المشاركين في التصويت: 54 (أذكّر بأنّ قواعد التحرير تمنع محرّري المدونة من المشاركة في التصويت لضمان حيادية النتائج).



في رأيي هذه العينة البسيطة من الآراء تعطي انطباع إيجابي على مدى وعي المصوّتين بالواقع الذي يحيط بهم. القراءة الأولى الممكنة لهذه النتائج تتمثل في تقسيم التحدّيات التي تواجه الشعوب العربية لتحدّيات داخلية وأخرى خارجية حيث رتّب المشاركون التحدّيات الداخلية نسبيا في المراكز الأربعة الأولى وهذا يعني في اعتقادي أنّ المشارك يعتقد أنّ الحلّ يكمن في "ترتيب البيت من الداخل أوّلا". وبالنظر للتحديات الداخلية، أجمع الأغلبية على أنّ الإستبداد يمثل أكبر تحدّي أمام الشعوب في الوقت الراهن والإسلام السياسي يمثّل ثاني أهم تحدّي.
إن كنت أفهم لماذا يمثل الإستبداد أكبر تحدي للشعوب العربية حسب المصوّتين، فقد فاجئني وضع الإسلام السياسي في المرتبة الثانية في حين احتلّ الإرهاب المرتبة قبل الأخيرة!
هذا الترتيب جعلني أطرح عديد الأسئلة:
  • ما سبب التخوّف من الإسلام السياسي خصوصا وأنّ تجارب حزبي العدالة والتنمية في تركيا والمغرب أثبتت قدرتهما كحزبين إسلاميين، على العمل الوطني في إطار "ديمقراطي-علماني" وتقديم برامج سياسية جلبت تأييد الناخب لهما؟
  • هل هذا تخوّف من الطبيعة الدينية للإسلام السياسي أم من طبيعته السياسية؟
  • لماذا تمكّن المناخ الديمقراطي الغربي عموما من استيعاب أحزاب ذات خلفية دينية كالأحزاب المسيحية في سويسرا والنمسا والولايات المتحدة وحزب شاس اليهودي المتطرف في إسرائيل في حين تعتبر أغلب النخب العربية على اختلاف مرجعياتها الإسلام السياسي كمُكوّن، طرفا "لا مكان له" في الخارطة السياسية العربية؟
  • أليس من الأجدر بهذه النخب النضال من أجل ديمقراطية لا تقصي أحدا ولو كانت أحزابا على خلفية دينية، من أجل بناء وطن للجميع فيه صوت؟
أعتقد أن الأخ طارق بإمكانه التعليق على هذه الأسئلة وإفادتنا برأيه كمختص.
ملاحظة أخيرة حول ورود "طموحات إيران" في المرتبة الأخيرة: أعتقد أن أغلب المشاركين لم يتأثّروا ببروبغندا دول "الإعتدال" التي تضع إيران في مرتبة الخطر الداهم فيما تعتبر إسرائيل "جارا يريد السّلام"!

استطلاع الرأي لشهر فبراير 2009 :
ماهي حدود حرّية التعبير حسب رأيك؟
  • القوانين والتشريعات الوضعية
  • المقدّسات الدينية
  • حدود أخلاقية
  • لا حدود لها
وشكرا مسبقا على المشاركة...

إقرأ المزيد...
كتبت هذا النص: عبرات، ألم و أمل في الأحد، فيفري 08، 2009

في البداية، أودّ الاعتذار لعموم القرّاء على انقطاعي عن الكتابة في الفترة الأخيرة دون سابق إعلام وذلك لأسباب مهنيّة قاهرة. كما أعتذر لمن طلب ردّي حول "تصنيف" المدونات ولم أجبه لحدّ الآن. وسأحاول في هذه البطاقة الرّد على كل التساؤلات التي وردت بهذا الخصوص.
أوّلا أودّ ملاحظة النقاط التالية:
  • ما أُطلق عليه "تصنيف المدونات" ليس له علاقة من قريب أو من بعيد ب"النّضال ضدّ الطابور الخامس" لأسباب سآتي على ذكرها تباعا (وأعتقد أنّ هذه نقطة رئيسية في سوء الفهم والخلط الذي وقع).
  • أن مفهوم "الغباء" الذي استعملته يُقصد به سوء منهجيّة هذه المدوّنات في معالجة والتعامل مع مشاكل نحن نُقاسمها الوعي بها ولا يُقصد به بأيّ حال من الأحوال المعنى الموجود في المعجم وهو "انعدام الفطنة والغفلة" لدى أصحاب هذه المدونات. هذا وأؤكد أنه ليست من مشمولاتنا البحث في المستويات المعرفية للآخرين وتقييم مداركهم وذكائهم.
  • لم أُناد بحجب وصنصرة أفكار أيّ كان بل على العكس، وضْع روابط تأخذ لمدونات لا أتّفق معها إيديولوجيا دليل كاف على المبدأ الذي أدافع عنه "حاجج الفكرة بفكرة أخرى".
  • جنوح البعض لاستعمال الكلام البذيء والتهجّم على من يكتب في هذه المدوّنة بألفاظ غير لائقة لن يثنينا عن الكتابة من جهة، ومن جهة أخرى لن يدعم مواقفهم إن كان لهم فعلا أيّة مواقف يدافعون عنها، وما ذلك سوى تعبير صريح على تحجّر بعض العقول وعقلية "الباندية" التي قطعا لن تأتي بالديمقراطية ولن تساهم في التقدّم بالبلد.
الأسباب وراء يافطة "مدونات تحارب الغباء بالغباء":
أعتقد شخصيا أنّ المدونات التي تحملها هذه القائمة من أكثر المدونات التي كشفت الكثير من الخنن والخور في مجتمعاتنا العربية الإسلامية عامّة وفي مجتمعنا التونسي بالخصوص وهذا أمر إيجابي جدا يُحسب لها. ونحن نشارك
ها في الكثير من المواقف والتحاليل التي أوردتها. لكن للأسف بقدر ما نجحت هذه المدونات في كشف العلل بقدر ما أساءت عموما معالجتها. ومن الأسباب التي تدفعني لهذا الاستنتاج ما يلي:
1- انعدام الموضوعيّة:
يدع البعض أحيانا رؤاه الإيديولوجية تتغلّب على المنهجية العلمية الموضوعيّة بحيث يسقط المدوّن في الأحكام المسبقة والتقزيم والتحيّز. من الأمثلة عن ذلك الاختلاف حول توجهات قناة الجزيرة، نقاش مفهوم الأخلاق، قضية العلمانية وغيرها. ما أريد قوله هنا أنّ اختلافي مع إيديولوجية أو مواقف طرف ما ليست مبررا للتغطية على إيجابياته وتقزيمها. بل الأصل أن تعالج الأمور بتجرّد وبحياد خصوصا في القضايا الفكرية الشائكة. كما وجب الوعي بأنّ طريق الإصلاح يمرّ وجوبا عبر الحوار المتعقل والرصين.
2- التعميم والخلط:
لاحظت ذلك تقريبا في كل المواضيع التي تتعلق بالإسلام كنقاش الفتاوى
وغيرها. من غير المعقول أن يُلصق البعض ألقاب من نوع "جحش"، "جاهل"، "غبي"، "بوكشطة"، "خوانجي"، "قروسطي"، "رجعي" وغيرها لكل من هبّ ودبّ أعلن أن عقيدته إسلامية، فقط لأن شيخا سعوديا خرج بفتوى غير معقولة. ولو فرضنا أنّ البعض يعتقد فعلا بصحّة هكذا فتاوى فالواجب نقد الفكرة بفكرة عوض توزيع الألقاب بشكل مجاني. و في رأيي هذا هو غالبا السبب وراء نزول الحوار إلى مستوى تبادل الشتائم.
3- عدم الالتزام بالحدود المنطقية
لحرّية التعبير:
رغم اعتقادي بقداسة الحرّية في مفهومها الشامل وحرّية التعبير خصوصا فإنني
أؤمن أن "حرّيتي تقف عند بداية حرّية الآخرين". وإحدى حدود حرّية الآخرين هي حرّية المعتقد. أنْ تُؤمن بقداسة بقرة أو فأر فهذا شأنك أمّا أن يهاجمك أحدهم لذلك فهذا مرفوض. قياسا على ذلك مهاجمة مقدّسات المسلمين تماما كالمسيحيين واليهود، أمر قطعا مرفوض. والبعض من المدونين يُمعن في ذلك لمجرّد الاستفزاز ويتستّر وراء "حرّية التعبير" وما ذلك من حرّية التعبير (وللموضوع بقية لاحقا).
4- تناقض الممارسة مع المبادئ المعلنة:
يناهض البعض على سبيل المثال، الحجاب والنقاب باعتباره
ما من مظاهر "تشييئ" المرأة واستغلالا واستعبادا لها وسيطرة عليها وهو ما يوحي في ظاهره بالدفاع عن حرّية المرأة ووجوب عتقها من سلطة الرجل والمجتمع (وهو ما نُوافقه عليه مبدئيا) بينما تجد في عديد الكتابات ازدراء واضح للمرأة واعتبارها وسيلة تسلية جنسية فيما لا يرى البعض الآخر أي مانع في إمطارها بأقذع الشتائم لمجرّد أنها أدلت برأيها. وبقطع النظر عن "تجاهل" حرية المعتقد والحرية الشخصية في موضوع الحجاب مثلا، فإنني أعتقد أن هذا الازدراء يترجم اعتبار أصحاب هذه الكتابات المرأة وسيلة لتفريغ الكبت (جنسيّا كان أو نفسيّا أو غيره) بكل ما يحمل ذلك من تشييء حقيقي و تمييع وعدم احترام لها كامرأة وكإنسان.
5- عدم التحرّي العلمي الدقيق عند الرّد أو/و إصلاح خطأ بخطأ:
على سبيل الذكر، أورد هنا مثالين: (1) أحد المدونين كتب تدوينة لشجب رجعية شخص أرسل له بريد إلكتروني بخصوص فوائد السّواك فسخر
هذا المدون من ذلك ومن السنّة. كان الأجدر به الانتباه إلى أن عديد الشركات العالمية لمعجون الأسنان قامت مختبراتها باستخلاص المواد المفيدة من السواك ودمجها في منتجاتها وتسويقها بأثمان أغلى من معجون الأسنان العادي. فعوض هذه السخرية غير المبرّرة كان بالإمكان اقتراح أمثال هذه المنتجات كبديل عصري لعود السواك. (2) مدون آخر كتب ليفسر عدم وجود علاقة بين السجود والموجات الكهرمغناطسية. وذكر فيما ذكر أن الموجات المغناطسية لا تؤثّر على الانسان. هذا التحديد غير دقيق وإن تضاربت نتائج البحوث العلمية حول هذه النقطة. لكن ثبت (ولدينا الدليل) أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بتجارب في إطار مشروع "هارب" (HAARP، انظر هنا وهنا وهنا)، حول تأثير الموجات قليلة التردد (low frequencies) على مزاج الإنسان ويقول بعض الخبراء أن مثل هذه التقنيات تشكل خطرا على مستقبل الإنسانية. في اعتقادي، كان من الأمثل دراسة العديد من المباحث العلمية بعمق كالحقول الكهرومغناطسية والالكتروسطاطيك قبل الرّد (ستقوم تانيت بالتدوين لاحقا حول هذا الموضوع).
تصنيفي -إن صحّت هذه العبارة- لهذه المدونات لا يحمل لأصحابها أي اتهام بانضمامهم للطابور الخامس كما اعتقد البعض خطأ. بل ينبني أساسا على نقدي لمنهجية هذه المدونات التي كثيرا ما حرصت على قراءة آخر نصوصها. وأعتقد أن النقد أمر مشروع وما هذا سوى رأي قد يكون صحيحا وقد يكون مخطئا. كما أنّه ثمّة من اتهم هذه المدونة بالحمق والفاشية ومحاكمة النوايا واحترمنا كل هذه الآراء رغم ثقتنا أنها مبالغ فيها كثيرا. للأسف ما لاحظته أننا كتونسيون نحب الثناء ولكننا عدائيون تجاه النقد فما بالك بالتساؤل عن المغزى منه وهدف الناقد من نقده. وهذا ما يفسّر جزئيا الشتائم المخجلة التي كالها لنا "أحسن مدوّن تونسي".

الأسباب وراء يافطة "مدونات غبية... وحمقاء أيضا":
هذه المدونات حادت للأسف عن كل منطق سليم وأطنب أصحابها في السفسطة والاستفزاز بطريقة وقحة وسقيمة ومخجلة. وشذّوا في أحكامهم عن كل مبادئ الحرية والاحترام والتسامح. عندما يمعن هؤلاء في الصياح صباحا مساء بأن الإسلام هو مصدر تعاسة البشرية والمسلمين كائنات همجية خارج إطار التاريخ ولاثبات ذلك لا تعوزهم الحيلة في القص واللصق والبحث عن كل ماهو شاذ وتكرار نظريات المستشرقين والصهاينة وغيرهم ويصل الأمر حتى السخرية من مقدسات المسلمين، لا أجد -كمسلمة من مليار مسلم يعيشون في هذا العالم- وصفا غير الفاشية والإقصائية والوقاحة لأصفهم به. من لا يحترم عقيدتي لا أحترمه. هذا أمر مفروغ منه.
ظاهر حديث
هم التنظير للعلمانية والديمقراطية والحرّية والتسامح وغيرها من المبادئ التي تعوزنا في بلداننا وباطن هذا الحديث تهجّم على عقائد الناس باسم الحرّية والعلم و... و... لم يجدوا في هذا العالم غير شمّاعة الإسلام ليعلّقوا عليها فشلهم وفشل أمّة بكاملها لقرون عديدة. إنه أمر مخجل أن يترك العلمانيون الحقيقيون أمثال هؤلاء ليتكلّموا باسمهم. وإنه لمن المحبط أن يُعتبر فكرهم السقيم من إنتاجات النخبة في أوطاننا وإن كان من حقّهم أن يلحدوا كما شاءوا وأن يتكلّموا ويصيحوا حتى الإغماء.
  • هؤلاء يعشقون الخلط والتعميم وجمع البيض والبصل في سلّة واحدة.
  • هؤلاء يدافعون عن حريتهم في الإلحاد ولكنّهم لا يحترمون حرية الآخرين في الإيمان.
  • هؤلاء يعشقون إثبات آرائهم بالقصّ واللّصق والاستمناء الفكري والبحث عن الشاذّ من الأقوال والأفعال وتقديمه على أنه سلوك عام مشترك بين كل المسلمين.
  • هؤلاء يعشقون الاستفزاز والتعسف على اللغة.
  • هؤلاء يتستّرون بمبادئ نبيلة للتنظير لأفكار غير نبيلة.
  • هؤلاء يتجنّبون الحوار ويهربون دائما إلى الأمام.
  • هؤلاء لا يتحرّكون إلاّ في مجموعات ولا ترتفع أصواتهم إلاّ في نفس الوقت.
لقد مللت مثل هذه العقليات المُحبِطة -بكسر الباء- التي لا هدف لها سوى الاستفزاز والتحقير والسباحة ضد التيار. فما هكذا تبنى الأوطان!

أخيرا، أؤكد على
التزامنا باحترام كل من بادلنا الاحترام ولو اختلفت أفكارنا ومواقفنا. وأعتذر لكل من رأى في كتاباتنا أيّ مسّ منه وإن كنت أعتقد أننا لم نتجنّ على أحد. أؤكد كذلك أن نقدنا لا يشمل إلا أفكار الأشخاص.
قد تكون لهجة هذه المدونة مستفزة أو قاسية أو
حتى عنيفة في بعض الأحيان ولكنها ليست بأي حال من الأحوال محكمة تفتيش أو مكتب قزوردي لتوزيع صكوك الوطنية. نحن لا نحمل الحقيقة كاملة ونقدّم كتابات نجتهد في إعدادها ونأمل أن تدفع الآخرين للتفكير. قد يكون ذنبنا الوحيد أننا نقول بصوت عال ما يردّده الكثيرون همسا. وأقولها صراحة: نحن لا نكتب لإرضاء الآخرين، نحن نكتب لإرضاء ضمائرنا والقيام بما يحتّمه علينا واجبنا ووطنيتنا!

ملاحظة: قد لا تنطبق كل الملاحظات على كل مدوّنة على حدة.

إقرأ المزيد...
كتبت هذا النص: عبرات، ألم و أمل في

الحرب الإفتراضية على الإسلاموفوبيا

وكالة أنباء الحرافيش


حرب الحرافيش على شهر رمضان المعظّم: حرفوش برلين الملقّب ب"الفنان" يشوّه مقالا مسروقا ليدعم ما يقول عنه أنّ "فريضة الصيام تزيد في ارتكاب الجرائم لدى المسلمين" | محبوبة غايت: الحرفوش الجنّي يعلن النصر من طرف واحد على من وصفهم بالأطراف الظلامية وأعداء الحياة | جبهة الإعتلال: إختلاق أخبار تقول بإمكانية العودة إلى نظام تعدد الزوجات في بلد الياسمين | حملة الحرافيش على الحجاب: الحرفوش الغبيّ ينشر رسالة منقولة عن أحد رموز الصف الثاني للطابور الخامس تحذّر من انتشار الحجاب على الشواطىء ويطالب بمنع ما وصفته الرسالة بزيّ البؤس والحزن والموت ورمز الفراغ والقبح والتوحّش | مواقف الحرافيش: الحرفوش الفيّاش يصدر بيانا يدين فيه من أسماهم بجماعة "عمّار الأخضر" ويطالبهم بالإعتراف ببطولاته وأمجاده في الدفاع عمّا وصفه بحرّية التعبير ويذكر أنّ هذا البيان قد لاقى صدى واسعا لدى الحرافيش وجبهة الإعتلال حيث أعلن عدد كبير منهم دعمهم لما جاء في البيان ولحرّية الفيّاش الفكرية | إعلانات متفرّقة - شراء: أعلن الحرفوش الهالك عن صدور كتاب له ودعى كل المدوّنين إلى شرائه عبر النت | إعلانات متفرّقة - كراء: أعلن حرفوش برلين عن بتّة عموميّة لكراء عقار على ملكه كان يستغلّه كمصبّ للفضلات | شؤون المرأة: أصدر الحرفوش الغبيّ بيانا موقّع من طرف جماعة غير معروفة يعلن فيه كفره وتمرّده على ما أسماه ب"دولة الذكور" | أدب الحرافيش: حرفوش التراث يصدر معلّقة بذيئة في هجاء "مدوّني البترودولار"

مدوّنتنا على الفايسبوك

زوّارنا