لست أدري ما أكتب إليك يا رائعتي في عيد ميلادك. لست أدري هل أهنّئك أم أعزّيك؟ أبكيك أم أضحك مع الضاحكين عليك؟ لست أدري يا خضرائي... سامحيني يا سيدة إفريقيا وعروس المتوسّط فقد أخطئت في حقك كثيرا. سامحيني يا أرض أجدادي على هجرتي لحضنك الدافئ فما فعلت ذلك إلا لأنني لم أحتمل ما يفعله بعض من أبنائك بك يا قلعة الأمجاد المخضّبة بدماء الشهداء الأحرار ويا زنبقة عطرة تفوح بعبق تاريخ طويل من المآثر والملاحم. فوالله مهما تكلّمت ما وفيتك حقك ولا أبلغتك شوقي وحبي وأمالي وآلامي...
سأصمت إكراما لك يا أرضا ولدت عليها وسأدفن فيها ويا أملا كالحلم أعيش به وألما لذيذا ما شعرت بأشدّ منه... سأصمت إكراما لحنبعل وابن خلدون وخير الدين باشا والطاهر الحداد وفرحات حشاد وكل هؤلاء الذين أعطوك بلا حدود ودون حساب ولم أقدر لحد اليوم أن أقدّم لك كما قدّموا. سأصمت احتراما لدمعتك وإجلالا لآهاتك المكتومة، تلك الآهات التي تمزّقني كل يوم مرّات ومرّات... تنتحر كلمات العشق عند الألم ولكن لا تجفّ دموع الحب عند البعد...
فتقبّلي يا جميلتي ويا أروع حلم في حياتي منّي رسالة عشق وصفاء، أرسلها إليك من أعماق قلبي في عيد ميلادك المهيب...
يا تونس الخضراء جئتك عاشقا
وعلى جبيني وردة وكتاب
إني القرطاجي الذي احترف الهوى
فاخضوضرت بغنائه الأعشاب
أحرقت من خلفي جميع مراكبي
إن الهوى ألا يكون إياب
أنا فوق أجفان النساء مكسر
قطعاً فعمري الموج والأخشاب
لم أنس أسماء النساء .. وإنما
للحسن أسباب ولي أسباب
يا ساكنات البحر في قرطاجة
جف الشذى وتفرق الأصحاب
أين اللواتي حبهن عبادة
وغيابهن وقربهن عذاب
اللابسات قصائدي ومدامعي
عاتبتهن فما أفاد عتاب
أحببتهن وهن ما أحببنني
وصدقتهن ووعدهن كذاب
(...)
ماتبت عن عشقي ولا استغفرته
ما أسخف العشاق ان همُ تابوا
(...)
بدأ الزفاف فمن تكون مضيفتي
هذا المساء ومن هو العراب
أأنا مغني القصر يا قرطاجة
كيف الحضور وما علي ثياب
ماذا أقول؟ فمي يفتش عن فمي
والمفردات حجارة وتراب
فمآدب عربية .. وقصائد
همزية .. ووسائد وحباب
لا الكأس تنسينا مساحة حزننا
يوما ولا كل الشراب شراب
من أين يأتي الشعر يا قرطاجة
والمفردات حجارة وتراب
من أين يأتي الشعر؟ حين نهارنا
قمع وحين مساؤنا إرهاب
سرقوا أصابعنا وعطر حروفنا
فبأي شيء يكتب الكتاب
والحكم شرطي يسير وراءنا
سرا فنكهة خبزنا استجواب
الشعر رغم سياطهم وسجونهم
ملك وهم في بابه حجاب
من أين أدخل في القصيدة يا ترى
وحدائق الشعر الجميل خراب
لم يبق في دار البلابل بلبل
لا البحتري هنا ولا زرياب
شعراء هذا اليوم جنس ثالث
فالقول فوضى والكلام ضباب
يتكلمون مع الفارغ فما هم
عجم إذا نطقوا ولا أعراب
اللاهثون على هوامش عمرنا
سيان إن حضروا وإن همُ غابوا
يتهكمون على النبيذ معتقا
وهمُ على سطح النبيذ ذباب
الخمر تبقى إن تقادم عهدها
خمرا وقد تتغير الأكواب
من أين أدخل في القصيدة ياترى
والشمس فوق رؤوسنا سرداب
إن القصيدة ليس ما كتبت يدي
لكنها ما تكتب الأهداب
نار الكتابة أحرقت أعمارنا
فحياتنا الكبريت والأحطاب
ما الشعر؟ ما وجع الكتابة؟ ما الرؤى؟
أولى ضحايانا هم الكتاب
يعطوننا الفرح الجميل وحظهم
حظ البغايا ما لهن ثواب
يا تونس الخضراء هذا عالم
يثري به الأمي والنصاب
فمن الخليج إلى المحيط .. قبائل
بَطِرَت فلا فكر ولا آداب
في عصر زيت الكاز يطلب شاعر
ثوبا وترفل بالحرير **اب!!
هل في العيون التونسية شاطيء
ترتاح فوق رماله الأعصاب
أنا يا حبيبة متعب بعروبتي
فهل العروبة لعنة وعقاب
أمشي على ورق الخريطة خائفا
فعلى الخريطة كلنا أغراب
أتكلم الفصحى أمام عشيرتي
وأعيد .. لكن ما هناك جواب
لولا العباءات التي التفوا بها
ما كنت أحسب أنهم أعراب
يتقاتلون على بقايا تمرة
فخناجر مرفوعة وحراب
قبلاتهم عربية .. من ذا رأى
فيما رأى قُبَلاً لها أنياب
يا تونس الخضراء كأسي علقم
أعلى الهزيمة تشرب الأنخاب؟!
وخريطة الوطن الكبير فضيحة
فحواجزٌ ومخافرٌ وكلاب
والعالم العربي إما نعجةٌ
مذبوحة أو حاكمٌ قصاب
والعالم العربي يرهن سيفه
فحكاية الشرف الرفيع سراب
والعالم العربي يخزن نفطه
في خصيتيه وربك الوهاب
والناس قبل النفط أو من بعده
مستنزفون فسادة ودواب
يا تونس الخضراء كيف خلاصنا
لم يبق من كتب السماء كتاب
ماتت خيول بني أمية كلها
خجلا وظل الصرف والإعراب
فكأنما كتب التراث خرافة
كبرى فلا عمرٌ .. ولا خطاب
وبيارق ابن العاص تمسح دمعها
وعزيز مصر بالفصام مصاب
من ذا يصدق أن مصر تهودت
فمقام سيدنا الحسين يباب
ما هذه مصر فإن صلاتها
عبرية وإمامها كذاب
ما هذه مصر فإن سماءها
صغرت وإن نساءها أسلاب
إن جاء كافور فكم من حاكم
قهر الشعوب وتاجه قبقاب
بحرية العينين يا قرطاجة
شاخ الزمان وأنت بعد شباب
هل لي بعرض البحر نصف جزيرة
أم أن حبي التونسي سراب
أنا متعب ودفاتري تعبت معي
هل للدفاتر ياترى أعصاب؟
حزني بنفسجة يبللها الندى
وضفاف جرحي روضة معشاب
لا تعذليني إن كشفت مواجعي
وجه الحقيقة ما عليه نقاب
إن الجنون وراء نصف قصائدي
أوليس في بعض الجنون صواب؟
فتحملي غضبي الجميل فربما
ثارت على أمر السماء هضاب
فإذا صرخت بوجه من أحببتهم
فلكي يعيش الحب والأحباب
وإذا قسوت على العروبة مرة
فلقد تضيق بكحلها الأهداب
فلربما تجد العروبة نفسها
ويضيء في قلب الظلام شهاب
ولقد تطير من العقال حمامة
ومن العباءة تطلع الأعشاب
قرطاجة.. قرطاجة.. قرطاجة..
هل لي لصدرك رجعة ومتاب؟
لا تغضبي مني إذا غلب الهوى
إن الهوى في طبعه غلاب
فذنوب شعري كلها مغفورة
والله جل جلاله التواب
سأصمت إكراما لك يا أرضا ولدت عليها وسأدفن فيها ويا أملا كالحلم أعيش به وألما لذيذا ما شعرت بأشدّ منه... سأصمت إكراما لحنبعل وابن خلدون وخير الدين باشا والطاهر الحداد وفرحات حشاد وكل هؤلاء الذين أعطوك بلا حدود ودون حساب ولم أقدر لحد اليوم أن أقدّم لك كما قدّموا. سأصمت احتراما لدمعتك وإجلالا لآهاتك المكتومة، تلك الآهات التي تمزّقني كل يوم مرّات ومرّات... تنتحر كلمات العشق عند الألم ولكن لا تجفّ دموع الحب عند البعد...
فتقبّلي يا جميلتي ويا أروع حلم في حياتي منّي رسالة عشق وصفاء، أرسلها إليك من أعماق قلبي في عيد ميلادك المهيب...
يا تونس الخضراء جئتك عاشقا
وعلى جبيني وردة وكتاب
إني القرطاجي الذي احترف الهوى
فاخضوضرت بغنائه الأعشاب
أحرقت من خلفي جميع مراكبي
إن الهوى ألا يكون إياب
أنا فوق أجفان النساء مكسر
قطعاً فعمري الموج والأخشاب
لم أنس أسماء النساء .. وإنما
للحسن أسباب ولي أسباب
يا ساكنات البحر في قرطاجة
جف الشذى وتفرق الأصحاب
أين اللواتي حبهن عبادة
وغيابهن وقربهن عذاب
اللابسات قصائدي ومدامعي
عاتبتهن فما أفاد عتاب
أحببتهن وهن ما أحببنني
وصدقتهن ووعدهن كذاب
(...)
ماتبت عن عشقي ولا استغفرته
ما أسخف العشاق ان همُ تابوا
(...)
بدأ الزفاف فمن تكون مضيفتي
هذا المساء ومن هو العراب
أأنا مغني القصر يا قرطاجة
كيف الحضور وما علي ثياب
ماذا أقول؟ فمي يفتش عن فمي
والمفردات حجارة وتراب
فمآدب عربية .. وقصائد
همزية .. ووسائد وحباب
لا الكأس تنسينا مساحة حزننا
يوما ولا كل الشراب شراب
من أين يأتي الشعر يا قرطاجة
والمفردات حجارة وتراب
من أين يأتي الشعر؟ حين نهارنا
قمع وحين مساؤنا إرهاب
سرقوا أصابعنا وعطر حروفنا
فبأي شيء يكتب الكتاب
والحكم شرطي يسير وراءنا
سرا فنكهة خبزنا استجواب
الشعر رغم سياطهم وسجونهم
ملك وهم في بابه حجاب
من أين أدخل في القصيدة يا ترى
وحدائق الشعر الجميل خراب
لم يبق في دار البلابل بلبل
لا البحتري هنا ولا زرياب
شعراء هذا اليوم جنس ثالث
فالقول فوضى والكلام ضباب
يتكلمون مع الفارغ فما هم
عجم إذا نطقوا ولا أعراب
اللاهثون على هوامش عمرنا
سيان إن حضروا وإن همُ غابوا
يتهكمون على النبيذ معتقا
وهمُ على سطح النبيذ ذباب
الخمر تبقى إن تقادم عهدها
خمرا وقد تتغير الأكواب
من أين أدخل في القصيدة ياترى
والشمس فوق رؤوسنا سرداب
إن القصيدة ليس ما كتبت يدي
لكنها ما تكتب الأهداب
نار الكتابة أحرقت أعمارنا
فحياتنا الكبريت والأحطاب
ما الشعر؟ ما وجع الكتابة؟ ما الرؤى؟
أولى ضحايانا هم الكتاب
يعطوننا الفرح الجميل وحظهم
حظ البغايا ما لهن ثواب
يا تونس الخضراء هذا عالم
يثري به الأمي والنصاب
فمن الخليج إلى المحيط .. قبائل
بَطِرَت فلا فكر ولا آداب
في عصر زيت الكاز يطلب شاعر
ثوبا وترفل بالحرير **اب!!
هل في العيون التونسية شاطيء
ترتاح فوق رماله الأعصاب
أنا يا حبيبة متعب بعروبتي
فهل العروبة لعنة وعقاب
أمشي على ورق الخريطة خائفا
فعلى الخريطة كلنا أغراب
أتكلم الفصحى أمام عشيرتي
وأعيد .. لكن ما هناك جواب
لولا العباءات التي التفوا بها
ما كنت أحسب أنهم أعراب
يتقاتلون على بقايا تمرة
فخناجر مرفوعة وحراب
قبلاتهم عربية .. من ذا رأى
فيما رأى قُبَلاً لها أنياب
يا تونس الخضراء كأسي علقم
أعلى الهزيمة تشرب الأنخاب؟!
وخريطة الوطن الكبير فضيحة
فحواجزٌ ومخافرٌ وكلاب
والعالم العربي إما نعجةٌ
مذبوحة أو حاكمٌ قصاب
والعالم العربي يرهن سيفه
فحكاية الشرف الرفيع سراب
والعالم العربي يخزن نفطه
في خصيتيه وربك الوهاب
والناس قبل النفط أو من بعده
مستنزفون فسادة ودواب
يا تونس الخضراء كيف خلاصنا
لم يبق من كتب السماء كتاب
ماتت خيول بني أمية كلها
خجلا وظل الصرف والإعراب
فكأنما كتب التراث خرافة
كبرى فلا عمرٌ .. ولا خطاب
وبيارق ابن العاص تمسح دمعها
وعزيز مصر بالفصام مصاب
من ذا يصدق أن مصر تهودت
فمقام سيدنا الحسين يباب
ما هذه مصر فإن صلاتها
عبرية وإمامها كذاب
ما هذه مصر فإن سماءها
صغرت وإن نساءها أسلاب
إن جاء كافور فكم من حاكم
قهر الشعوب وتاجه قبقاب
بحرية العينين يا قرطاجة
شاخ الزمان وأنت بعد شباب
هل لي بعرض البحر نصف جزيرة
أم أن حبي التونسي سراب
أنا متعب ودفاتري تعبت معي
هل للدفاتر ياترى أعصاب؟
حزني بنفسجة يبللها الندى
وضفاف جرحي روضة معشاب
لا تعذليني إن كشفت مواجعي
وجه الحقيقة ما عليه نقاب
إن الجنون وراء نصف قصائدي
أوليس في بعض الجنون صواب؟
فتحملي غضبي الجميل فربما
ثارت على أمر السماء هضاب
فإذا صرخت بوجه من أحببتهم
فلكي يعيش الحب والأحباب
وإذا قسوت على العروبة مرة
فلقد تضيق بكحلها الأهداب
فلربما تجد العروبة نفسها
ويضيء في قلب الظلام شهاب
ولقد تطير من العقال حمامة
ومن العباءة تطلع الأعشاب
قرطاجة.. قرطاجة.. قرطاجة..
هل لي لصدرك رجعة ومتاب؟
لا تغضبي مني إذا غلب الهوى
إن الهوى في طبعه غلاب
فذنوب شعري كلها مغفورة
والله جل جلاله التواب
ليسماحني نزار قباني لأنني قطعت من قصيدته جزءا وتصرّفت في البقية ولتقرئي يا حبيبة الملايين بين السطور فغدك إمّا مجد وإمّا سراب... إخلاصنا في حبك وعزمنا لمجدك وسعينا لأجل عينيك سيحدّدون غدك يا أملي...
I really appreciated what you wrote
Legend of the fall@:
شكرا جزيلا ومرحبا بك دوما.