كان ادوارد سعيد قد انتبه منذ السبعينيات الى أن صورة الإسلام السلبية قد انتقلت في الغرب من حقل الدراسات الأكاديمية الى المنتوج الأدبي الفني الرائج، مما توقف عند بعض سماته في كتابه «تغطية الإسلام» الذي لم يحظ بالانتشار الذي عرفه كتابه المتميز «الاستشراق».
ما تبينه هذه الملاحظة هو أن علم الاستشراق نفسه الذي تبلور في القرن التاسع عشر قد انهار منهجيا ومعرفيا، تحت وطأة المقاييس التأويلية والابستمولوجية للعلوم الإنسانية التي غيرت جذريا أنماط قراءة النص الديني وتحقيبه، ومحددات النظر لظاهرة المقدس في أبعادها الانتربولوجية والتاريخية.
وهكذا استبدلت التصورات القدحية للإسلام التي تستند لخلفية ورواسب الصراعات الدينية الوسطية بمقاربات أكثر علمية تتحرى النظر للظاهرة الإسلامية في سياقاتها الدلالية والرمزية الخاصة.
وقد انجر عن هذا التحول المعرفي انفصام متزايد في الغرب بين مجال الدراسات الأكاديمية المتخصصة حول الإسلام والفضاء الثقافي والإعلامي العام الذي تشكلت فيه صور نمطية متولدة من حركة الأحداث الفظيعة التي عرفها عالمنا الإسلامي في السنوات الأخيرة، خصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 التي حولت الإسلام الى بؤرة اهتمام الفضاء الثقافي ـ الإعلامي في الغرب.
وما نريد أن نبينه هو أن هذه الصورة النمطية السلبية أطرتها ثلاثة مكونات هي: اتجاه المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، والتيار الأدبي الانكليزي الذي أطلق عليه ضياء الدين سردار عبارة «المحافظين الأدبيين البريطانيين» blitcons، والمفكرين اليساريين الفرنسيين المنحدرين من مجموعة «الفلاسفة الجدد» الذين تحولوا في الآونة الأخيرة الى الموقع المحافظ ودعموا الرئيس اليميني الجديد ساركوزي.
أما المحافظون الجدد في أمريكا فمعروفون، لا نحتاج الى الحديث المستفيض عنهم، وكنا توقفنا مطولا عند فكرهم وآرائهم في هذه الصفحة، وإنما نكتفي بالإشارة الى أنهم في الغالب يتحدرون من أصول يسارية، ويتميزون عن المحافظين التقليديين بتصورهم الثوري الراديكالي للنموذج الأمريكي للحرية الذي يعتبرون أن الإيمان بتفوقه المعياري وصلاحيته الكونية يقتضي السعي لنشره وتعميمه بالقوة.
من هذا المنظور، يرون في الإسلام من حيث هو ديانة شمولية يمتزج فيها الديني بالسياسي، عائقا أمام تكريس الديمقراطية التعددية، ويرون في تيارات الإسلام السياسي العدو الاستراتيجي الأول والأساسي للمصالح الأمريكية العليا ولنفوذ وتأثير الولايات المتحدة في العالم.
اما الأدباء المحافظون البريطانيون وأشهرهم ثلاثة هم سلمان رشدي، ومارتين آميس، وايان ماكوان فقد ركزوا أعمالهم المنشورة حول المسلم الإرهابي المتعصب، المعادي للحضارة والإنسانية.
وقد لخص ضياء الدين سردار الخطاب الذي يدافعون عنه في أعمالهم الأدبية في ثلاثة أحكام مسبقة خطيرة هي:
ـ التفوق المطلق للثقافة الأمريكية، أي سمو المفهوم الأمريكي للحرية مقابل كل القيم التنويرية والإنسانية الغربية الأخرى.
ـ اعتبار الإسلام الخطر الأكبر الذي يتهدد الحضارة الغربية كما هو بارز من رواية سلمان رشدي الأخيرة «تشاليمار» ببطلها الإرهابي المسلم الذي لا هم له سوى ارغام الناس على بناء المساجد وإخفاء النساء تحت البراقع، وكما هو واضح في رواية آميس «الأيام الأخيرة لمحمد عطا» التي يفسر فيها الخلفية الإرهابية لبطله (أحد الانتحاريين الذين اشتركوا في تفجيرات أبراج نيويورك) بكرهه للنساء الذي استقاه بزعمه الكاذب من القرآن الكريم وسيرة نبي الإسلام [صلى الله عليه وسلم].
ـ ضرورة فرض المفاهيم الأمريكية للديمقراطية والحرية على بقية أنحاء العالم، خصوصا العالم الإسلامي الذي يشكل اليوم بؤرة الاستبداد والتعصب والجمود. تظهر هذه الفكرة في أعمال الروائيين الثلاثة، وتبدو واضحة في رواية «السبت» لماك إيوان حيث الدفاع عن أساليب التعذيب والتنكيل للوقوف ضد «النازيين الإسلاميين» الذين يسعون لتدمير الحضارة الغربية.
أما التيار المحافظ الجديد في فرنسا فيتمحور حول الاتجاه الذي برز في السبعينات باسم الفلاسفة الجدد، وهم في الغالب من أصول يهودية (مثل المحافظين الجدد الامريكيين).
تركزت أعمالهم الأولى حول الدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان من منظور يساري يستوعب قيم التنوير، على عكس الفلسفات التفكيكية والبنيوية التي أعلنت موت الإنسان واستهدفت الدولة الديمقراطية الليبرالية بالنقد لكونها تخفي القمع والإقصاء.
بيد أن يساري الأمس من أبناء ثورة مايو 1968، تحولوا في السنوات الأخيرة إلى خندق اليمين المحافظ، وتميزوا بالدفاع عن المواقف الأمريكية في حروبها الشرق أوسطية، كما انفردوا بتبني أطروحات اليمين الإسرائيلي المتطرف.
من أبرز رموز هذه المدرسة هنري برنار ليفي وآلان فينكلكورت وألكسندر آدلير وأندري غلوكسمان الذين يتمتعون بحضور إعلامي واسع في أهم الصحف والقنوات الإذاعية والتلفزيونية الفرنسية.
تتركز نظرتهم للإسلام حول محورين، هما من جهة النظر لنزعة التميز البارزة لدى الجيل الجديد من المهاجرين المسلمين في فرنسا بأنها نزعة عداء للسامية تنم عن عجز واضح عن الاندماج داخل النسق الجمهوري القومي (في الوقت الذي يدافعون فيه عن الغيرية اليهودية)، ومن جهة ثانية إرجاع جذور ظاهرة الإرهاب والعنف إلى خلفية عقدية ونصية إسلامية معادية لقيم التحديث والتنوير.
ما نريد أن نخلص إليه هو أن الإسلاموفوبيا الجديدة في الغرب وإن بدت عدوانية شرسة، إلا أنها تفتقد لأية قاعدة معرفية صلبة، وترتد عند التمحيص إلى مجرد صورة نمطية تشكلت لدى اليسار المحافظ وعكستها الأدبيات الرائجة بحكم هيمنة هذا الاتجاه على الإعلام السيار ودور النشر الأدبي.
Très bon article.. un peu trop manichéen car il existe des troisièmes voix malgré tout que vous ne citez pas
جايبين ماعندكم، و حارقين أعصابكم فالفارغ، الطرح متاعكم ممل ومسيس أكثر مل لزم، مفيهش حتى أخذ بعين إعتبار إلي انتم تنجموا تكونو غالطين مع إنو كل المؤشرات الملموسة ولا محسوسة، والمعقولة تثبت إلي انتوما قاعدين اطلع فالما لصعدى، و يحرز كان مجاش فما شوية بترول فالمنطقة، رهو برشة فاقوا على وضعهم، و كان حالنا أكيد يبدا أحسن، أما مايدوم حال، الوقت كفيل بش يثبت إلي اديولوجية تخدير العقول وتسويق أحلام اليقظة والأجر المؤجل الدفع، معادش بش تنطلي على حد، و نشوفو سعتها شنوا بش يستنبط الإنسان كى بديل، خاطرو فالغالب ما ينجمش يعيش من غير أفيون.