لم أستطع النوم ليلة البارحة، لم يغمضْ لي جفن حتى انبلج الصبح ولم يقدر حلقي على ابتلاع أيّ شيء غير الماء منذ الأمس... أشعر بألم عنيف ومكتوم يعتصرني وينال منّي ويُرهقني... ما أصعب أن تكتشف أنّ ما يفصل بين الإنسانية والوحشيّة لا يعدو أن يكون سوى خيط رفيع أوْهن من خيوط العنكبوت... خيط تقدر أبسط نسمة تُحرّكها أهواء النفس وجبروتها ومطامعها أن تُمزّقه بلا رحمة وإلى غير رجعة... كم هي مفزعة ومفجعة "الحقيقة" التي اكتشفتها على حين غِرّة... لازلت أشعر بانقباض شديد وأُغالب رغبة مُلحّة في البكاء بشدّة... أريد أن أبكي طويلا عسى أنْ أُحسّ ببعض الارتياح والهدوء...
بركان ثائر في داخلي يريد الانفجار والخروج إلى السّطح... أبذل جهدا غير عادي للسيطرة عليه ولكنه يأبى ويُلحّ... ولولا إيماني العميق بعدالة السماء وبقايا أمل متشظّ ونور خافت من العقل، كشمعة في طريق إعصار، أراه في نهاية تبدو بعيدة لنفق حالك السّوادِ من الجهل والرّذيلة والوحشيّة والظلم الذي يُغلّف عقول البشر في الشرق والغرب على حدّ السّواء، لانفلت العقال وتقيّأتُ حِممًا من الآلام والغضب...
منذ أيام طويلة وأنا أتابع باهتمام ما يُكتب ويذاع في وسائل الإعلام الغربيّة والعربيّة عن محرقة غزّة والذبح البارد للانسان والأرض وحلم فلسطين الوطن وإراقة لدم العُزّل والمُعدمِين على أرض مقدّسة... كلّ العالم يعلم أن الكيان اللقيط الذي زرعته بريطانيا والامبريالية الغربية في رحم الوطن العربي بعد اغتصابها لجزء من ترك
ة الرجل المريض، قد منعت مراسلي وسائل الإعلام من الوصول لغزّة الشهيدة بعد بداية المرحلة البرية لعملية الرصاص المسكوب على البشر والزّرع والضّرع في رقعة بالكاد تقدر على التنفّس. قليلة جدا هي عدسات التصوير التي استطاعت أن تصل إلى "أهداف إسرائيل العسكرية" في غزّة لتُوثّق بالصّوت والصّورة إلى أيّ مدًى يُمكن أن تصِل وحشية قابيل وبربريته لمّا تدفعه أحلام قومية مزعومة وأطماع الهيمنة وغرور القوّة... وصلني بالبريد الالكتروني مقطع فيديو صُوِّر بجهاز هاتف محمول دقائق عقب قصف "هدف عسكري بالغ الأهميّة والخطورة" بالنسبة لأمن دولة إرهابية!

المكان: سوق بمدينة غزّة
الزمان: صباح يوم 03 يناير 2009
الشخوص: طيّار مقاتل على ارتفاع عدّة آلاف من الأمتار، نساء وأطفال ورجال يقضون شؤونهم من سوق غلتْ فيها الأسعار وعزّت فيها المؤونة جرّاء حصار ظالم وتواطئ عالم بلا أخلاق ولا ضمير.
السيناريو: يتلقّى الطيار إحداثيات موقع للقصف عبر شبك
ة معلومات غاية في التقدّم والتعقيد، يختار قنبلة بضغطة زرّ، ينحرف باتجّاه الموقع المراد قصفه ويُطلق القذيفة بحركة بسيطة من إصبعه فيما يتولّى الحاسب الألي مهامّ التوجيه وإصلاح المسار وبرمجة توقيت التفجير. بعد ثوان، ... يصيح المخرج "انتهى التصوير"! ألمْ أقل لكم إنّه قتل بارد على طريقة أفلام الحركة في هوليود!

تنويه هام: هذا الشّريط يعرض صورًا دمويّة. الرّجاء من أصحاب القلوب الرقيقة والأطفال دون سنّ الثامنة عشرة الامتناع عن مشاهدته. شكرا.
ATTENTION: IMAGES CHOQUANTES. ÂMES SENSIBLES ET ENFANTS MOINS DE 18 ANS S'ABSTENIR. MERCI.
CAUTION: BLOODY SCENES. PUBLIC INCLUDING SENSITIVE PEOPLE AND TEENAGERS, DISCRETION IS ADVISED. THANK YOU.
المشاهدة/التحميل على موقع خارجي، التحميل من بنك النسخ الاحتياطية
ملاحظة تقنيّة: لقراءة ملفات بامتداد "فلاش فيديو (FLV)"، يتوجب تثبيت قارئ يتحمّل هذا الامتداد (هنا)

جثث متناثرة، أشلاء هنا وهناك، رؤوس مقطوعة، نساء، رجال، صبيان، دماء، غبار، دمار، دخان، آهات، جروح، دموع، صياح، أبواق سيارات إسعاف، هدير محرّكات، ... مشهد من جهنّم وقطعة من جحيم الدنيا!
يا إلاهي، لا أقدر على النظر إلى الشاشة، أتجمّد في مكاني، يجفّ حلقي، أشعر بالاختناق، أنفجر بالبكاء، تنهار مقاومتي وتختفي صلابتي، لم أعد أتحمّل... يتعلّق بي ابني ذي السنوات الثلاث، ينظر إليّ مشدوها، يسألني ببراءة الأطفال، بإنسانيّة إنسان، بحبّ وبسلام: "ماما... لماذا تبكين؟" أختنق في عبراتي ولا أجيب! أحضنه بقوّة وتنهمر دموعي أكثر فأكثر...
للحظة تخيّلت نفسي وابني في موقع الانفجار... يا إلاهي، ماذا لو قصفوا منزلي وقتلوا صغيري؟ ماذا سيكون مصيري؟ تزداد حشرجتي وتجري الدموع على خدودي مدرار
ا وتتساقط على خد فلذة كبدي وهو يحدّق بي ببراءة. كرّر سؤاله البريء للمرّة الرّابعة "ماما... لماذا تبكين؟"... تماسكت قليلا فأفلت برفق، تركني وخرج يعدو هاتفا: "ماما تبكي... ماما تبكي..."
شردت بنظري غير واعية بما يدور حولي. مرّت أمامي مشاهد وفصول من التاريخ منذ خروج اليهود من مصر وإلى يوم النّاس هذا... مرّت أمامي أشياء كثيرة: أعلام إسرائيل، شعارات إسرائيل وأقوال مناصري إسرائيل... لا أعلم لماذا توقّف عقلي شاخصا عند نصّ معيّن: "مازلت أبحث في داخلي عن مبرّر لمناصرة مواطني غزّة، على الأقلّ من الناحية الإنسانية (...)". إنسانية! هل قُلتِ إنسانية؟
إنسانيّة، أخلاق، ضمير، حق، عدالة، حرّية، سلام، تعاطف، احترام... عبارات رنّانة لا وجود لها سوى في كتابات الفلاسفة الذين يحترمون إنسانيّة الإنسان! مبادئ لا توجد إلاّ في مدينة أفلاطون الفاضلة! شعارات يهوى أصحاب الباطل رفعها بموجب وبلا موجب! قيم لا تجد اليوم الكثيرين للدفاع عنها بل تجد فقط من يميّعها ويُشكّل منها ما يشاء، ككرة صلصال في درس براعة يدوية! كلمات يضيع معناها في مسافة الصراع بين الأنا والآخر، تفقد ماهيّتها عندما يتعلّق الأمر بالقوّة، بالسّلطة، بالعلويّة، بالكبرياء، بالطمع، بالإصطفاء! ألفاظ لا تساوي الحبر الذي كتبت به في نصوص القوانين والتشريعات لما تصطدم بحضارة القوّة...
حضارة، علم، إكتشافات، ثقافة، مدنيّة، تقدّم، رفاه... معجم يحيل على معان إيجابيّة قلبتها القوّة إلى نقيضها: قوّة، سيطرة، سلاح، حرب، همجيّة، بربريّة، عنجهيّة، عنصريّة، وحشيّة، موت، فناء، عدم. معجم ي
ولد من رحم معجم آخر. معجم قلّما توقّف عنده العقل وتمعّن في معانيه بالبصيرة لا بالبصر، رغم أنّنا نشاهد إنجازاته الغرّاء على شاشاتنا على مدار الساعة في العالم بكامله أو لعلّ قدرة الإنسان التي وهبها الله له في التكيّف مع أوضاع الحياة أفقدته أي إحساس بالفرق بين المعجمين!
قال بعض مناهضي القنبلة النووية "لا علم بلا وعي" (Pas de science sans conscience). لهذا أفهم الآن وبعمق أسف وحزن ألفريد نوبل (Alfred Nobel) صاحب خلطة النيتروغليسيرين الشهيرة التي خرج من قمقمها مارد الديناميت... لقد عرف يومها أنّه أطلق عفريتا جبّارا قد يقضي على الإنسان إنْ لم يُحسن التعامل معه. لقد صنع فرانكشتين خَاصتّه والذي خرج وللأبد عن طوعه لأنّه أصبح خادما مُطيعا لأُناس آخرين!
ينقل التاريخ أن البرت انشتاين (Albert Einstein) إعتزل الناس في أواخر حياته أسفا على دوره في بحوث الذرّة التي أدّت إلى استعمال راعي البقر الولد الصغير وشقيقه لترويض ساموراي بلاد الشّمس في نهاية حرب كونيّة داميّة! ويقولون أيضا أنه أََََََََََعْدم بإرادته بُحوثا وأفكارا كثيرة كان بالإمكان استغلالها في إنتاج أسلحة فتّاك
ة... أهِي إذنْ صحوة ضمير عالم مبدع أو هو وعْي بالدّور الحقيقي للعلم في حياة الإنسان أو رُبّما هو هذا وذاك معا؟
ينقل تاريخ العلوم أن نيكولا تِسْلا (Nikola Tesla) أحد أبرز أعْلام بُحوث الموجات الك
هرومغناطسيّة قد أَعْدم هو الآخر مخطّطات ونتائج سنوات طويلة من البُحوث المُضْنية حول قُدرات الحقول الكهرومغناطسيّة وتقول الكتب أنّه أوّل من استطاع نقل الطاقة بدون خيوط كما يسرد التاريخ صِراعه المرير مع الرأسماليّين الذين أرادوا بحوثه لأنفُسهم ولجُيوبهم ولسُلطتهم...
هؤلاء الأعلام ليسوا مسلمين. هؤلاء وغيرهم كثيرون كتبوا أسماءهم بحروف مضيئة في تاريخ الإنسانيّة الأسود ليس فقط لعبقريتهم وإبداعهم ولكن أيضا لإحترامهم للعلم ولدور العلم في حياة الإنسان وهم الذين مرّروا إنسانيته قبل الجاه والمال والشرف... هؤلاء لا ينتمون قطعا للقاعدة أو حزب الله أو حماس كما أنّهم ما شاركوا قطّ في جلسات حكومتي أولمرت والمحافظين الجدد... هؤلاء لم يعملوا يوما أو يتاقضوا فلسا واحدا من إكْسون، هاليبرتون، موبايل، تكساكو، شالّ، بوينغ، لوك
هيد مارتن، رايْثيون، نورثروبْ غرمّانْ، هارّيس، ماترا، داسّو، طالس أو بي آي اي. هؤلاء لم يجلسوا يوما في اجتماع مع مجلس إدارة سيتي غْروب أو كارْليْل ولم يلتقوا يوما بن لادن أو أيّا ممّن يضَعون صفرا فوق رؤوسهم... بل لو كانوا أحياء لما سكتوا على اكتشافاتهم التي تُحوّلها هذه الشركات إلى أسلحة مُرعبة تقتل ملايين البشر... لذّة وساديّة وشهوة!
ويخرج علينا مسيلمات العصر من أذناب الطابور الخامس بنظرّيات أقلّ ما يمكن أنْ يُقال عنها أنّها غبية وحمقاء ومستفزّة ولا يقبلها عقل مُستنير أو صاحب فكر إصلاحي... نظرّيات من قبيل "إسلامكم عدو العقل والعلم" وكحجّة يسألون على نِتاج جهد المسلمين في حقول العلم على اختلافها؟ أبعْدَ هذا الغباء وقلّة الحياء غباء ووقاحة؟
دون تفصيل لمساهمة الآلاف المؤلّفة من العرب والمسلمين (منهم حوالي ثمانية آلاف تونسي) في حضارة الغرب والمواقع التي يعملون بها من مخابر بحث، جامعات، مراكز البحوث والتطوير، شركات التكنولوجيا عالية الدّقة وغيرها فضلا عن الآلاف الذين يهربون سنويا من استبداد الأنظمة الكليانية التي لا تمتّ بأيّ صلة للإسلام وإنْ تكلّم بعضها باسمه إضافة لانحطاط وجهل الشعوب وازدرائها للعلم وأهله وما ينجرّ عن ذلك من خسائر ببلايين الدولارات كلّ عام، سأترك التاريخ يتكلّم عن بعض ممّا حوَتْ مجلّداته.
أنتج المسلمون طيلة ألف سنة من العلوم ما لم يكن معروفا في عصرهم. وبنى الغرب علومه الحدي
ثة على جزء كبير من علوم المسلمين كما صبّت بحوث وإنجازات هؤلاء -المسلمين- في مصلحة الإنسانية من طبّ وعلم إجتماع وجغرافيا ورياضيات وفلسفة وعلم فلك وغيرها بينما استغلّ الغرب علومه لرفاه شعوبه.. ودمار الشعوب الأخرى! أوليس أدلّ على ذلك أن السّواد الأعظم من الإكتشافات مرّ على مختبرات جيوشه وأبسط مثال على ذلك هذه الشبكة التي تمكنّك الآن وفي هذه اللحظة من قراءة هذا النّص!
كتب التاريخ، الذي يقرأه أذناب الطابور بنصف عين (ويتشدّقون رغم ذلك بوصولهم للحقيقة!)، أنّ الفرات أضحى مستنقعا أزرق اللون لمّا دخل المغول إلى بغداد وأفرغوا محتويات مكتباتها في النهر (ل
مّا دخل مغول العصر بغداد من جديد لم يستطع أحد الوصول إلى وزارة النفط بينما نُهِب تحت أعينهم نِتاج خمسة آلاف سنة من التاريخ ولم يحرّكوا ساكنا وما أشبه اليوم بالبارحة!) ويضيف كتاب التاريخ أنّ الكنيسة المسيحية أمرت بترجمة آلاف الكتب إلى اللاتينية ومن ثمّ إحراقها يوم طرد العرب والمسلمون من الأندلس، شعاع الحضارة الوحيد في أوروبا في ذلك الزمن باعتراف الغرب نفسه. لماذا؟ اسألوا التاريخ!
لست أدافع عن العرب ولا المسلمين وإنّما أقلّب فقط بعضا من صفحات التاريخ المنسيّة لأنّ التاريخ ليس فقط سرد لحقائق اتّفق الناس على ورودها وإنّما درس ومغزى وعبرة للعاقل المتبصّر والنّاظر المتمعّن كما قال العالم الجليل ابن خلدون... إنّني أوّل من يعترف بتخلّف المسلمين والعرب وازدرائهم للعقل والعلم وجنوحهم للتواكل والخرافة والاستسلام للواقع في الوقت الحاضر... إنّني أوّل من يسبّ فيهم جهلهم وتحقيرهم للعلم والقرطاس والقلم... ولكنّني من أشدّ المدافعين عن أنّ تخلّف ورجعيّة وغوغائيّة مساراتهم ما كانت يوما بسبب "إسلامهم الحقّ وعروبتهم التاريخيّة" بل ما آل مصيرهم إلى ما آلو إليه من سقوط وانحطاط وتخلّف لو علموا ذلك أحسن العلم وعملوا به... ولعاقل أنْ يتفكّر! وما هم اليوم ب"مسلمين" وما هم اليوم ب"عرب" فيا قوم ألا تعقلون؟
قنابل غير معروفة ذات موجة ضغط بسرعة تفوق عشرات الكيلومترات في الثانية الواحدة، قنابل اهتزازية وأخرى عنقودية، ذخائر يورانيوم منضّب وفسفور أبيض وأخرى اختراقية، طائرات نفّاث
ة، مروحيات قتالية، رإصدات ذاتية الطيران، أقمار صناعية، سفن حربية، غوّاصات نووية، دبّابات ومدرّعات بتدريع يفوق العشرين سنتيمترا، آلاف جنود النخبة والقنّاصة المحترفين وضبّاط المخابرات، جهاز حرب نفسية في منتهى الفاعلية، عرب متخاذلون، حكام خونة وعملاء، شعوب محبطة ومقهورة تعيش تحت سلطة الاستبداد وجبروت الدكتاتورية وترزح تحت كلكل الجهل والفقر والمرض والخوف، إعلام خشبّي محنّط... وطابور خامس لا نهاية له يعمل في كل المواقع ليل نهار بلا كلل ولا ملل! كلّ هؤلاء مجتمعين لقصف سوق ومدرسة ومسجد وبناية سكنية وسيارة إسعاف وطفل يهيم على وجهه جوعا وامرأة لا تجد ما تسدّ به رمق أبنائها... وتتحدّثين عن الإنسانية؟
عفوا سيدتي، إنّني أشعر بالخجل كامرأة... إنّني فعلا أشعر ولأولّ مرّة في حياتي بالخجل كوني امرأة!
المرأة الأنثى برقّتها ودلالها، التي كتب فيها كلّ الأدباء أجمل الكلمات و نظم فيها الشعراء أحلى القصائد... المرأة الحبّ والمشاعر والأحاسيس دنّسْتها بتلك الجملة الركيك
ة وأفرغتها من محتواها ومن كل شيء جميل فيها...
المرأة الزوجة بمعاني العشرة والإخلاص والوفاء، بمعاني الرّضى والقناعة والوفاق والمشارك
ة وبمعاني الثورة الهادئة والتضحية غير المحدودة التي تختزلها... أهنتها بكلمات جارحة ووقحة لا يقولها الكائن الجميل الذي يعيش داخلها!
المرأة الأمّ بحبّها وحنانها ورقّة مشاعرها وآلامها ووهنها وبأيّامها ولياليها ورحلتها الممتعة المتعبة في حياة أطفالها... حقّرتها وحططت من شأنها ومرّغت بالتراب كل معانيها السامية...
المرأة التي تختزل جزء كبيرا من إنسانية الإنسان وقيمه السامية وعواطفه الإيجابية أفرَغتها بكلّ شماتة، آدمية غبية من كلّ شيء قيّم ونبيل فيها... في لحظة خَذلنا فيها أنفسنا وذُقنا ما كسبت أيدينا!
رجاءً سيدتي، لا تتكلّمي مستقبلا عن الإنسانية ولا عن المرأة فهما براء منك... لا تتكلّمي عنهما لأنهما ليسا في حاجة لآدميّ آخر يدنّسهما ويحطّ من شأنهما... كفاهما تدنيسا وتحقيرا وإهانة... كفى! كفى! كفى!
سيدتي، حقّا ما أبعدك عن المرأة في بُعدها الإنساني أوّلا وفي بعدها الأنثوي ثانيا... وما أحْوجها أنْ تكفّي عن التعبير على لسانها والتكلّم باسمها... وهاك مثالا حيّا لإمرأة، أنثى، إنسانة حقيقية... سيّدة مسيحية وليست "مسلمة غبية تؤمن بالخرافة وتفرّخ القنابل البشرية"! امرأة قطعا أجملُ منك، أشهرُ منك، أغنى منك وأشجعُ منك! أجمل منك بقلبها، أشهر منك بمواقفها، أغنى منك بإنسانيّتها وأشجع منك بصرختها لنُصْرة المظلوم!
أتركُك مع سيلين ديون في حديث لقناة سي آن آن الأمريكية علّها بدموعها توقظ بعضا من إنسانيّتك الضائعة وأنوثتك المهدورة! وآمل أن تكوني من الذين يتكلّمون الانجليزية وإلا فإنّني لا أرى صراحة كيف ستفسّرين لحرس الحدود الإسرائيلي حقيقة أنّك تونسيّة، عربيّة وتحبّين إسرائيل وزيارة إسرائيل! (لتحميل النسخة الإحتياطية، اضغط هنا)
سيلين ديون، المغنية الكندية المعروفة تشجب في هذا الفيديو، ما حصل في نيوأورليانز عقب إعصار كاترينا. وللتذكير فإن المدينة غمرتها المياه وأصبح لزاما إجلاء المواطنين فلما حضر المارينز بطائراته قام بإجلاء البيض وأطلق النار على السود متحجّجا بعمليات النّهب وهو ما أثار فضيحة داخلية في الولايات المتحدة الأمريكية وتؤكّد مصادر مستقلّة بأن قوات المارينز تصرّفت كما سبق لأسباب عنصرية. فهل هي تلك "الديمقراطية" التي تريدون أن تفرضوها علينا وتنشدون أجمل الموشّحات صباحا مساء تسبيحا لها ولأربابها... مسكين هو بلدي كم يعاني منكم.. بصمت!
أخيرا، كنت أصدّق أن الشياطين قد تقدر على غواية البشر ولكنّني لم أكن أصدّق أنّ البشر إنْ تجرّدوا من إنسانيّتهم، قادرون على فعل ما لا تفعله الشياطين... لذلك سأظلّ أُحارب بقلمي وإنْ انتهى مدادي فسأكتب بدمي من أجل .. العدالة والحرّية!

كتبت هذا النص: عبرات، ألم و أمل في الخميس، جانفي 15، 2009

3 تعليقات

  1. يعطيك الصّحة في هالنصّ يا عبرات... رغم طولو النسبي ماحسّيتش بالوقت وآنا نقرا فيه... حلو و سيرتو عميق! :)
    آما بربّي عندي ملاحظة تحريريّة. ياخي كلمة (conscience) موش نترجموها للعربية بكلمة (ضمير)؟
    آنا ظهرلي حسب التفسير اللّي لقيتو في المعجم هذا (http://www.lexilogos.com/francais_langue_dictionnaires.htm) أنّو كلمة (ضمير) أنسب في الترجمة لأنّو (الوعي) حسب اعتقادي لا يحمل بالضرورة "كنه للقيمة المعنوية" للأشياء. على كلّ انجّمو ننتناقشو في الحكاية هاذي في الكونفكال الجايْ... أيّ إلى نصّ جديد ولقاء قريب ان شاء الله وماتنساشْ باش تبوسلي هاك الصّغرون. سلام!

     
  2. 3amrouch يقول:
  3. نص جميل وقراءة ممتعة
    ساعود للتحليل اكثر
    بالنسبة للكلمة وترعيبها اظن الانسب هنا هو التحدث عن الوعي بمعنى الاحساس يعني موش الضمير
    بالنسبة للمسلمين فقط على سبيل الذكر وللتوثيق قسم الامراض السرطانية والاورام الخبيثة يعني من اصعب الاختصاصات في المستشفى الجامعي بوردي ببروكسل يشرف عليه 90 من الاخوة والاخوات الملتزمين ونظرا لقيمتهم مكنتهم الادارة من غرفة خاصة للصلاة وهم يعاملون باحترام شديد وبكل التقدير نظرا لكفائتهم وجديتهم وتفانيهم في العمل
    عبرات
    لا عليك
    فالطبل الاجوف هو من يصنع الضجيج لفراغه
    اظم قلمي لقلمك وحرفي لحرفك وانظم معكم لمحاربة هذا الطابور اللعين

     
  4. @سيّدة البحر:
    شكرا علّيسة على الملاحظة...
    بالنسبة للعبارة فهي حمّالة أوجه وتُترجم لعدة معاني... استعملت معنى "الوعي" لضرورة النص وبلاغة المعنى...

    @أخ عمروش:
    مرحبا بك أخ عمروش... أخيرا انضمّ صوتك إلى أصواتنا... سنعمل على محاربة الطابور في كل مكان وبكل ما لدينا من جهد وإيمان إن شاء الله... مرحبا بك دوما وننتظر مساهماتك...

     

الحرب الإفتراضية على الإسلاموفوبيا

وكالة أنباء الحرافيش


حرب الحرافيش على شهر رمضان المعظّم: حرفوش برلين الملقّب ب"الفنان" يشوّه مقالا مسروقا ليدعم ما يقول عنه أنّ "فريضة الصيام تزيد في ارتكاب الجرائم لدى المسلمين" | محبوبة غايت: الحرفوش الجنّي يعلن النصر من طرف واحد على من وصفهم بالأطراف الظلامية وأعداء الحياة | جبهة الإعتلال: إختلاق أخبار تقول بإمكانية العودة إلى نظام تعدد الزوجات في بلد الياسمين | حملة الحرافيش على الحجاب: الحرفوش الغبيّ ينشر رسالة منقولة عن أحد رموز الصف الثاني للطابور الخامس تحذّر من انتشار الحجاب على الشواطىء ويطالب بمنع ما وصفته الرسالة بزيّ البؤس والحزن والموت ورمز الفراغ والقبح والتوحّش | مواقف الحرافيش: الحرفوش الفيّاش يصدر بيانا يدين فيه من أسماهم بجماعة "عمّار الأخضر" ويطالبهم بالإعتراف ببطولاته وأمجاده في الدفاع عمّا وصفه بحرّية التعبير ويذكر أنّ هذا البيان قد لاقى صدى واسعا لدى الحرافيش وجبهة الإعتلال حيث أعلن عدد كبير منهم دعمهم لما جاء في البيان ولحرّية الفيّاش الفكرية | إعلانات متفرّقة - شراء: أعلن الحرفوش الهالك عن صدور كتاب له ودعى كل المدوّنين إلى شرائه عبر النت | إعلانات متفرّقة - كراء: أعلن حرفوش برلين عن بتّة عموميّة لكراء عقار على ملكه كان يستغلّه كمصبّ للفضلات | شؤون المرأة: أصدر الحرفوش الغبيّ بيانا موقّع من طرف جماعة غير معروفة يعلن فيه كفره وتمرّده على ما أسماه ب"دولة الذكور" | أدب الحرافيش: حرفوش التراث يصدر معلّقة بذيئة في هجاء "مدوّني البترودولار"

أرشيف الموقع

مدوّنتنا على الفايسبوك

زوّارنا