التفت القاضي إلى مستشاره الجالس إلى يمينه وسأله هامسا "أترغب في استراحة قصيرة" فنفى ذلك بإشارة من رأسه. عندها أشار إلى الحاجب أنْ أدْخل المزيد من الشهود. فنظر هذا الأخير إلى ورقة كان قد مرّرها إليه المدّعي العام قبل قليل وصاح: صبيّ الكرش الكبير... فلْيدخل الشاهد صبيّ الكرش الكبير...
تردّد صوته في أرجاء القاعة التي أخذت تغصّ بالناس أكثر فأكثر. خرج من بين الحضور رجل قصير، منتفخ الأوداج، حليق الرأس، دقيق السيقان، كبير الكرش. تراه من بعيد فتخاله شجرة بلّوط حديثة. تحرّك متجّها إلى منصّة الشهود ماشيا الهوينا، متمايلا كأنّه الطاووس في كبريائه. تابع الحاضرون بانتباه شديد تلك الكتلة الضخمة من اللحم البشري وهي تتهادى تهادي وحيد القرن إلى أن استقرّت قبالة القاضي ومستشاريه فيما ارتفعت الهتافات وانطلق الصفير من جهات عدّة في القاعة حتى أنّ الضربات المتتالية لمطرقة القاضي وانتشار رجال الأمن العسكري هنا وهناك لم يفلحوا في إيقافها. ورغم أنّ الرجل يبدو في بداية الثلاثينات من العمر إلاّ أنّ شكله المخيف والشرر المتطاير من عينيه الواسعتين يجعلك تعتقد أنّه جنرال خمسينيّ يشرف على معتقلات الموت الستالينية منذ سنوات طويلة.
القاضي (ناظرا للشاهد): يبدو أنّ لك شعبية كبيرة بين الحضور؟
صبيّ الكرش الكبير (مبتسما وقد كشف عن أسنان يتراوح لونها ما بين الأصفر والرّمادي): إنني "الكابّو" هنا!
القاضي (متعجّبا): "الكابّو" مرّة واحدة؟!
صبيّ الكرش الكبير (وهو يشير في حركة مسرحية إلى جمهور القاعة): أرأيت كل هؤلاء؟ إنّهم مريديّ!
القاضي (بحزم): هذا الأمر عندما تكون خارج المحكمة... أمّا هنا فأنا هو ربّك وربّهم الأعلى. هل فهمت؟
صبيّ الكرش الكبير (مشيحا بوجهه حتى يتفادى نظرات القاضي الحازمة وهو يغمغم بصوت لا يكاد يسمع): انتظر حتى ألتقيك خارجا أيّها الحثالة!
ففاجئه القاضي بالقول: ماذا قلت؟ أعد ما قلته؟
صبيّ الكرش الكبير (مرتبكا كطفل صغير): قلت نعم... نعم لقد فهمت!
القاضي (وقد بدت على سحنته علامات الضيق): إسمك وسنّك ووظيفتك؟
صبيّ الكرش الكبير (وهو يتمايل يمنة ويسرة): صبيّ الكرش الكبير، 31 سنة.
القاضي: وظيفتك؟
صبيّ الكرش الكبير (وهو يطلق صفيرا حادًّا من بين شفتيه): ...
القاضي (غاضبا): استقم في وقفتك واحترم هيئة المحكمة وإلا حبستك!
المدّعي العام (مقاطعا بينما سرت همهمات غاضبة بين الجمهور): أرجوك سيّدي القاضي. إنّه لا يقصد. فقط لم يفهم ما تريد!
القاضي (متوجها للمدّعي العام): فليكن شهود الإدّعاء أكثر استقامة وتهذيبا وإلاّ حبستكم جميعا.
المدّعي العام (متوسّلا): نعم سيدي القاضي. إنّهم محترمون جدا.
المدّعي العام (متوجّها للشاهد): إن السيد القاضي يسألك عن ماهية عملك.
صبيّ الكرش الكبير: فليقل لي "عملك" أمّا "وظيفتك" هذه فلا أفهمها!
المدّعي العام: ماهو عملك؟
صبيّ الكرش الكبير (متوجها للقاضي): أعمل "زميل" صباحا وخبير تنبير بعد الظهر وأشياء أخرى مساءً
القاضي (متسائلا): وماهي هذه الأشياء الأخرى؟
صبيّ الكرش الكبير (وهو يبتسم كاشفا عن أسنانه التي يبدو أنها لم تختبر معجون الأسنان منذ سنوات طويلة): يعني...
القاضي (مبتسما): يعني ماذا؟
صبيّ الكرش الكبير (وهو يشير إلى بطنه المنتفخة ويرفع كتفيه في خجل مصطنع): ...
القاضي (وقد اتّسعت ضحكته): يبدو أنّك تجتهد كثيرا في عبادة الرّب نيتشه!
المدّعي العام (بحماس وهو يشير بإصبعه للشاهد): سيّدي القاضي، إنّه رجل روحاني مجتهد، لا يفارق كتب إلاهنا الأعظم نيتشه ليلة واحدة. وينفّذ وصاياه العشر بحرص شديد. كما لا يتوانى على تنفيذ سنن خليله المقرّب والمحبّب فرويد باركه الرّب.
القاضي: قلْ "ونيتشه الأعظم وروحه القدس فرويد وخليلهما سارتر، لا أقول إلاّ الحق ولا شيء غير الحق".
صبيّ الكرش الكبير (مردّدا بشكل متقطّع): ونيتشه الأعظم وروحه القدس فرويد وخليلهما سارتر، لا أقول إلاّ الحق ولا شيء غير الحق.
القاضي (متوجّها للشاهد): جيّد جدا، هل بإمكانك أن تخبرنا بما لديك حول هذه القضيّة؟
صبيّ الكرش الكبير (وهو يطلق ضحكة صفراء): بكل سرور...
أشار إليه القاضي برأسه أنْ هات ما عندك، ففرك يديه ورفع هامته وتنحنح ثم قال: سيّدي القاضي، حضرات المستشارين...
سرت ضحكة مكتومة بين المستشارين فيما تعالى هتاف من أعماق القاعة "يحيا الكابّو... يحيا الكابّو...".
صبيّ الكرش الكبير (وقد ارتسمت علامات الجديّة على محيّاه وبرقت عيناه ببريق مخيف): أيّها السّادة المكلّفون بالإدّعاء العام، أيّها السّادة والسيّدات الحضور الكرام... إنّ ظهور عصابة الماخور الخامس تمثّل تهديدا غير مسبوق لحرّيتنا ومبادئنا. وإنّني أعتقد بشدّة أنّ من يقف وراء هذا الماخور رجال يحاولون إيهامنا بأنّهم نساء. وأيّا كان الحال فإنّني لا أقدر أن أجد وصفا أبلغ وأدقّ من "عاهرات" لأصفهم به. إنني لا أرى أيّ سبب منطقي يدفعنا للتسامح أو الصمت أمام هذه المسرحيّة السمجة التي يقوم هؤلاء الحثالة بتمثيلها على أرض يربوعستان...
تتعالى صيحات وهتافات داخل القاعة "ليسقط عاهرات الماخور الخامس، ليذهبوا للجحيم"، "اقتلوهم، أعدموهم، اقطعوا رؤوسهم". بعد دقائق طويلة من الهتاف والشعارات المختلطة بصوت مطرقة القاضي، يهدأ الجمهور وتشخص الأبصار باتّجاه صاحب البطن المكوّرة.
القاضي: واصل سيّد صبيّ الكرش الكبير.
صبيّ الكرش الكبير (وقد سبق رذاذ ريقه كلماته): ولمن لا يتذكّر الأحداث، فقد انطلقت هذه المسرحيّة السخيفة في خضمّ حملة دولة صهيونستان الشقيقة لتأديب جماعة إرهاب وغباء تهدّد أمنها وسلامة مواطنيها الأعزّاء. ومع هذه الحملة المباركة، شهدت يربوعستان حملة من نوع آخر أشرفت عليها جمعيّة غير مرخّصة تتّخذ من مدوّنة النضال ضدّ الطابور الخامس منبرا للإرهاب الفكري والدعاية الرخيصة. انطلقت هذه الحملة باتهام علم من أعلام يربوعستان الإلحاد والحداثة والفكر وواحد من أهم وأرفع وأنبل ما أنجبت دولتنا الرشيدة، الحرفوش عاشور الناجي طيّب الرّب سيرته وقدّس ذكره. لقد بدأت هذه المجموعة من "الشلايك" باتهامه بالتآمر والإنضمام لما أسموه بالطابور الخامس. وقد ذهب طابور العاهرات هذا إلى أبعد من ذلك حيث سمحن لأنفسهن أو الحقيقة سمحوا لأنفسهم، بتصنيف مجموعة من خيرة كتّابنا ومفكّرينا وفلاسفتنا تصنيفات قذرة الهدف منها الحطّ من عزيمتنا وإرهابنا. فقد صُنّفت بمعيّة الفيلسوف العظيم آزواو سومنديل أوراغ والعالم الكبير صبيّ جِينافا وغيرهم في خانة من يحاربون الغباء بالغباء. بينما صُنّف أمير الملحدين الدكتور عاشور الناجي في خانة الحمق والغباء. مثل هذه التصنيفات لا تعدو سوى قلّة حياء وثلب وتشهير لا يجب أن نسكت عليه. لذلك كنت من الأوائل الذين كوّنوا جبهة قتال لإيقاف تيار الماخور الخامس هذا. فالطريقة المثلى للتعامل مع مثل هؤلاء هي العنف فقد أثبت العلم الحديث أنّ هذه الطريقة ناجعة جدّا ونتائجها مضمونة.
عندها أسرّت الآنسة إلى صديقتيها: "يبدو أن العلم الذي أثبت هذه النظريّة هو نفسه الذي أثبت أنّ الأسماك تلد قردة وربّما خنازير أيضا!". فردّت السيدة الساخرة "يبدو أنّ علم اليرابيع شديد الغزارة!".
القاضي: مهلا ولكن هل لك أن تخبرني عمّا يجعلك متأكّدا من أنّهم رجال يختفون وراء أسماء إناث؟
صبيّ الكرش الكبير (وكرشه تهتز من شدّة الإنفعال): لا يوجد أنثى تستعمل خطابا ذكوريّا فاشيّا كالذي يستعمله طابور العهر هذا. إنّني أشعر بأنّ رائحة خطابهم تشبه رائحة كبش بالغ في مرحلة التناسل!
تنطلق ضحكات الحاضرين مجلجلة ويأخذون بالتصفيق طويلا والهتاف "حماك الإلاه نيتشه يا أروع يربوع أنجبته يربوعستان..."، "يحيا الكابّو، يحيا الزعيم".
القاضي: هل مازال لديك ما تضيفه في هذه القضية؟
صبيّ الكرش الكبير: أريد أن أوجّه خطابا للصابئين الذين لم يتوانوا في دعم ومساندة جماعة الماخور العظيم ملخّصه أنّ فعلكم هذا يُعدّ خيانة قذرة ليربوعستان لن نغفرها لكم أبدا. وإن كان بعضكم يساندهم لأنّه لا يجد أين يقضي مآربه فلكم نساؤنا وبناتنا فاختاروا منهنّ ما تشاؤون عوض أن تخونوا بلدكم هذا الذي أطعمكم لحما طريا وسقاكم خمرا معتّقة لذيذة.
وعند آخر كلمة، انطلق الهتاف وارتفع بشكل هستيريّ. فيما أخذ صبيّ الكرش الكبير يحيّي الجمهور ويبادلهم الابتسامات. وبعد برهة من الزمن استقرّ الأمر وعاد الهدوء للقاعة إلاّ من بعض الهتافات المعزولة من حين لآخر.
القاضي: هل أنهيت شهادتك؟
صبيّ الكرش الكبير (وقد انتفخت أوداجه واحمرّ وجهه من الانفعال): لقد قلت أهمّ الأشياء رغم أنّه مازال لديّ الكثير لأقوله. وليعلم طابور العاهرات العظيم أنّنا لهم بالمرصاد ولن يمرّوا سوى على جثثنا (وهو يضرب الطاولة التي أمامه بعنف).
وارتفع الصّخب والهتاف من جديد واختلط التصفيق بالصيّاح وهاج وماج الجمهور. فضرب القاضي بمطرقته على الطاولة قائلا: تُرفع الجلسة للاستراحة...
تردّد صوته في أرجاء القاعة التي أخذت تغصّ بالناس أكثر فأكثر. خرج من بين الحضور رجل قصير، منتفخ الأوداج، حليق الرأس، دقيق السيقان، كبير الكرش. تراه من بعيد فتخاله شجرة بلّوط حديثة. تحرّك متجّها إلى منصّة الشهود ماشيا الهوينا، متمايلا كأنّه الطاووس في كبريائه. تابع الحاضرون بانتباه شديد تلك الكتلة الضخمة من اللحم البشري وهي تتهادى تهادي وحيد القرن إلى أن استقرّت قبالة القاضي ومستشاريه فيما ارتفعت الهتافات وانطلق الصفير من جهات عدّة في القاعة حتى أنّ الضربات المتتالية لمطرقة القاضي وانتشار رجال الأمن العسكري هنا وهناك لم يفلحوا في إيقافها. ورغم أنّ الرجل يبدو في بداية الثلاثينات من العمر إلاّ أنّ شكله المخيف والشرر المتطاير من عينيه الواسعتين يجعلك تعتقد أنّه جنرال خمسينيّ يشرف على معتقلات الموت الستالينية منذ سنوات طويلة.
القاضي (ناظرا للشاهد): يبدو أنّ لك شعبية كبيرة بين الحضور؟
صبيّ الكرش الكبير (مبتسما وقد كشف عن أسنان يتراوح لونها ما بين الأصفر والرّمادي): إنني "الكابّو" هنا!
القاضي (متعجّبا): "الكابّو" مرّة واحدة؟!
صبيّ الكرش الكبير (وهو يشير في حركة مسرحية إلى جمهور القاعة): أرأيت كل هؤلاء؟ إنّهم مريديّ!
القاضي (بحزم): هذا الأمر عندما تكون خارج المحكمة... أمّا هنا فأنا هو ربّك وربّهم الأعلى. هل فهمت؟
صبيّ الكرش الكبير (مشيحا بوجهه حتى يتفادى نظرات القاضي الحازمة وهو يغمغم بصوت لا يكاد يسمع): انتظر حتى ألتقيك خارجا أيّها الحثالة!
ففاجئه القاضي بالقول: ماذا قلت؟ أعد ما قلته؟
صبيّ الكرش الكبير (مرتبكا كطفل صغير): قلت نعم... نعم لقد فهمت!
القاضي (وقد بدت على سحنته علامات الضيق): إسمك وسنّك ووظيفتك؟
صبيّ الكرش الكبير (وهو يتمايل يمنة ويسرة): صبيّ الكرش الكبير، 31 سنة.
القاضي: وظيفتك؟
صبيّ الكرش الكبير (وهو يطلق صفيرا حادًّا من بين شفتيه): ...
القاضي (غاضبا): استقم في وقفتك واحترم هيئة المحكمة وإلا حبستك!
المدّعي العام (مقاطعا بينما سرت همهمات غاضبة بين الجمهور): أرجوك سيّدي القاضي. إنّه لا يقصد. فقط لم يفهم ما تريد!
القاضي (متوجها للمدّعي العام): فليكن شهود الإدّعاء أكثر استقامة وتهذيبا وإلاّ حبستكم جميعا.
المدّعي العام (متوسّلا): نعم سيدي القاضي. إنّهم محترمون جدا.
المدّعي العام (متوجّها للشاهد): إن السيد القاضي يسألك عن ماهية عملك.
صبيّ الكرش الكبير: فليقل لي "عملك" أمّا "وظيفتك" هذه فلا أفهمها!
المدّعي العام: ماهو عملك؟
صبيّ الكرش الكبير (متوجها للقاضي): أعمل "زميل" صباحا وخبير تنبير بعد الظهر وأشياء أخرى مساءً
القاضي (متسائلا): وماهي هذه الأشياء الأخرى؟
صبيّ الكرش الكبير (وهو يبتسم كاشفا عن أسنانه التي يبدو أنها لم تختبر معجون الأسنان منذ سنوات طويلة): يعني...
القاضي (مبتسما): يعني ماذا؟
صبيّ الكرش الكبير (وهو يشير إلى بطنه المنتفخة ويرفع كتفيه في خجل مصطنع): ...
القاضي (وقد اتّسعت ضحكته): يبدو أنّك تجتهد كثيرا في عبادة الرّب نيتشه!
المدّعي العام (بحماس وهو يشير بإصبعه للشاهد): سيّدي القاضي، إنّه رجل روحاني مجتهد، لا يفارق كتب إلاهنا الأعظم نيتشه ليلة واحدة. وينفّذ وصاياه العشر بحرص شديد. كما لا يتوانى على تنفيذ سنن خليله المقرّب والمحبّب فرويد باركه الرّب.
القاضي: قلْ "ونيتشه الأعظم وروحه القدس فرويد وخليلهما سارتر، لا أقول إلاّ الحق ولا شيء غير الحق".
صبيّ الكرش الكبير (مردّدا بشكل متقطّع): ونيتشه الأعظم وروحه القدس فرويد وخليلهما سارتر، لا أقول إلاّ الحق ولا شيء غير الحق.
القاضي (متوجّها للشاهد): جيّد جدا، هل بإمكانك أن تخبرنا بما لديك حول هذه القضيّة؟
صبيّ الكرش الكبير (وهو يطلق ضحكة صفراء): بكل سرور...
أشار إليه القاضي برأسه أنْ هات ما عندك، ففرك يديه ورفع هامته وتنحنح ثم قال: سيّدي القاضي، حضرات المستشارين...
سرت ضحكة مكتومة بين المستشارين فيما تعالى هتاف من أعماق القاعة "يحيا الكابّو... يحيا الكابّو...".
صبيّ الكرش الكبير (وقد ارتسمت علامات الجديّة على محيّاه وبرقت عيناه ببريق مخيف): أيّها السّادة المكلّفون بالإدّعاء العام، أيّها السّادة والسيّدات الحضور الكرام... إنّ ظهور عصابة الماخور الخامس تمثّل تهديدا غير مسبوق لحرّيتنا ومبادئنا. وإنّني أعتقد بشدّة أنّ من يقف وراء هذا الماخور رجال يحاولون إيهامنا بأنّهم نساء. وأيّا كان الحال فإنّني لا أقدر أن أجد وصفا أبلغ وأدقّ من "عاهرات" لأصفهم به. إنني لا أرى أيّ سبب منطقي يدفعنا للتسامح أو الصمت أمام هذه المسرحيّة السمجة التي يقوم هؤلاء الحثالة بتمثيلها على أرض يربوعستان...
تتعالى صيحات وهتافات داخل القاعة "ليسقط عاهرات الماخور الخامس، ليذهبوا للجحيم"، "اقتلوهم، أعدموهم، اقطعوا رؤوسهم". بعد دقائق طويلة من الهتاف والشعارات المختلطة بصوت مطرقة القاضي، يهدأ الجمهور وتشخص الأبصار باتّجاه صاحب البطن المكوّرة.
القاضي: واصل سيّد صبيّ الكرش الكبير.
صبيّ الكرش الكبير (وقد سبق رذاذ ريقه كلماته): ولمن لا يتذكّر الأحداث، فقد انطلقت هذه المسرحيّة السخيفة في خضمّ حملة دولة صهيونستان الشقيقة لتأديب جماعة إرهاب وغباء تهدّد أمنها وسلامة مواطنيها الأعزّاء. ومع هذه الحملة المباركة، شهدت يربوعستان حملة من نوع آخر أشرفت عليها جمعيّة غير مرخّصة تتّخذ من مدوّنة النضال ضدّ الطابور الخامس منبرا للإرهاب الفكري والدعاية الرخيصة. انطلقت هذه الحملة باتهام علم من أعلام يربوعستان الإلحاد والحداثة والفكر وواحد من أهم وأرفع وأنبل ما أنجبت دولتنا الرشيدة، الحرفوش عاشور الناجي طيّب الرّب سيرته وقدّس ذكره. لقد بدأت هذه المجموعة من "الشلايك" باتهامه بالتآمر والإنضمام لما أسموه بالطابور الخامس. وقد ذهب طابور العاهرات هذا إلى أبعد من ذلك حيث سمحن لأنفسهن أو الحقيقة سمحوا لأنفسهم، بتصنيف مجموعة من خيرة كتّابنا ومفكّرينا وفلاسفتنا تصنيفات قذرة الهدف منها الحطّ من عزيمتنا وإرهابنا. فقد صُنّفت بمعيّة الفيلسوف العظيم آزواو سومنديل أوراغ والعالم الكبير صبيّ جِينافا وغيرهم في خانة من يحاربون الغباء بالغباء. بينما صُنّف أمير الملحدين الدكتور عاشور الناجي في خانة الحمق والغباء. مثل هذه التصنيفات لا تعدو سوى قلّة حياء وثلب وتشهير لا يجب أن نسكت عليه. لذلك كنت من الأوائل الذين كوّنوا جبهة قتال لإيقاف تيار الماخور الخامس هذا. فالطريقة المثلى للتعامل مع مثل هؤلاء هي العنف فقد أثبت العلم الحديث أنّ هذه الطريقة ناجعة جدّا ونتائجها مضمونة.
عندها أسرّت الآنسة إلى صديقتيها: "يبدو أن العلم الذي أثبت هذه النظريّة هو نفسه الذي أثبت أنّ الأسماك تلد قردة وربّما خنازير أيضا!". فردّت السيدة الساخرة "يبدو أنّ علم اليرابيع شديد الغزارة!".
القاضي: مهلا ولكن هل لك أن تخبرني عمّا يجعلك متأكّدا من أنّهم رجال يختفون وراء أسماء إناث؟
صبيّ الكرش الكبير (وكرشه تهتز من شدّة الإنفعال): لا يوجد أنثى تستعمل خطابا ذكوريّا فاشيّا كالذي يستعمله طابور العهر هذا. إنّني أشعر بأنّ رائحة خطابهم تشبه رائحة كبش بالغ في مرحلة التناسل!
تنطلق ضحكات الحاضرين مجلجلة ويأخذون بالتصفيق طويلا والهتاف "حماك الإلاه نيتشه يا أروع يربوع أنجبته يربوعستان..."، "يحيا الكابّو، يحيا الزعيم".
القاضي: هل مازال لديك ما تضيفه في هذه القضية؟
صبيّ الكرش الكبير: أريد أن أوجّه خطابا للصابئين الذين لم يتوانوا في دعم ومساندة جماعة الماخور العظيم ملخّصه أنّ فعلكم هذا يُعدّ خيانة قذرة ليربوعستان لن نغفرها لكم أبدا. وإن كان بعضكم يساندهم لأنّه لا يجد أين يقضي مآربه فلكم نساؤنا وبناتنا فاختاروا منهنّ ما تشاؤون عوض أن تخونوا بلدكم هذا الذي أطعمكم لحما طريا وسقاكم خمرا معتّقة لذيذة.
وعند آخر كلمة، انطلق الهتاف وارتفع بشكل هستيريّ. فيما أخذ صبيّ الكرش الكبير يحيّي الجمهور ويبادلهم الابتسامات. وبعد برهة من الزمن استقرّ الأمر وعاد الهدوء للقاعة إلاّ من بعض الهتافات المعزولة من حين لآخر.
القاضي: هل أنهيت شهادتك؟
صبيّ الكرش الكبير (وقد انتفخت أوداجه واحمرّ وجهه من الانفعال): لقد قلت أهمّ الأشياء رغم أنّه مازال لديّ الكثير لأقوله. وليعلم طابور العاهرات العظيم أنّنا لهم بالمرصاد ولن يمرّوا سوى على جثثنا (وهو يضرب الطاولة التي أمامه بعنف).
وارتفع الصّخب والهتاف من جديد واختلط التصفيق بالصيّاح وهاج وماج الجمهور. فضرب القاضي بمطرقته على الطاولة قائلا: تُرفع الجلسة للاستراحة...
العلمانيون ليسوا خونة
الملحدون ليسو اعداء
و.........و......و........
ليس من مصلحة احد في هذا الوطن نفي من يخالفه الفكر والايدولوجيا
الاعدء هم من يجعلون ليل الاستبداد يطول ويؤرقنا طوله ونحن نبحث عن الديمقراطية
لا تكن جزءا من الظلام وكونوا اشعة الشمس المنتظرة
فبها سترون جمال الالوان
كفانا اقصاءا لبعضنا البعض
وكوا عن الالعاب الصبيانية وساهموا بما لديكم لاني ارى ان لديكم الكثير لتقدمنه
@أودين
تسميو في رواحكم علمانيين و أنتم مخاخكم فارغة ما فيها حتى علم. كان السفسطة و الديماغوجيا الفارغة. بورقيبة كان يقول عليكم جراثيم.
Des microbes sans aucune espece d'importance
حاجة أخرى، شنية الديمقراطية إلي تحكي عليها؟ ما يسمّى بالعلمانيين متاعك يصنصرو في مدوناتهم، يلزمك ديما تقوللهم شنوة يحبو يسمعو، يرفضو الإنتقاد.
أنا إنتقدت الإسلاميين في المدونات متاعهم و ما صنصرونيش، لكن ركّايات العلمانية ما ريت عندهم كان إحتقار الأخرين، شتمهم، الهروب إلى الأمام، ... إلخ
كان جيتو طابور خامس خير، إنتوما أنتن و أتعس من الطابور الخامس. وجودكم بحد ذاتو يمثل عتبة في بلادنا.
العلمانيين متاع اليسار ما عملو حتى شئ لتونس، ما زادوها شئ، ما رينا عندهم كان البكاء و النفاق و الإنتهازية.
إذهب!!