تحضرني في هذه الظروف قصّة قديمة قدم تماثيل بوذا وكتابات قبائل المايا وربّما أيضا غزوات الإسكندر الأكبر. هي قصّة بسيطة في تفاصيلها ولكنها غنيّة، غزيرة في معانيها. حيث حدّث أديب احتار المؤرّخون أهنديّا كان أم فارسيّا، في باب "الثعلب والطبل" من كتاب "كليلة ودمنة"، قال:
قال دمنة: زعموا أنّ ثعلبا أتى أجمة فيها طبل معلّق على شجرة، وكلّما هبّت الريح على قضبان تلك الشجرة حرّكتها فضربت الطبل فسُمع له صوت عظيم باهر. فتوجّه الثعلب نحوه لأجل ما سمع من عظيم صوته. فلمّا أتاه وجده ضخما، فأيقن في نفسه بكثرة الشحم واللحم، فعالجه حتى شقّه. فلمّا رأه أجوف لا شيء فيه قال:
"لا أدري لعلّ أفشل الأشياء أجهرها صوتا وأعظمها جثة".
والعبرة هي أنّ الوعاء الفارغ يصدر عظيم الصوت عكس الوعاء الملئان. ولعلّ هذه الملاحظة تصْدق على البشر أيضا. فلو تأمّلنا صيرورة التاريخ لاستنتجنا أنّ كل الرجال العظماء كانوا قليلي الكلام، كثيري العمل، شديدي العزلة عكس العوامّ والرّعاع. وذلك ينطبق على العلم والفنّ والأدب والسياسة وغيرها من ميادين المساهمة البشريّة. لذلك لا غرابة أن يخطب في القوم أحقرهم قدرا وأقلّهم معرفة وأكذبهم حديثا وأسوأهم خلقا. ولا غرابة أيضا أن يجد بين العوّام مريدين له ومشجّعين. فقانون الطبيعة الذي لا يحتمل الفراغ يدفع كل إنسان إلى ملء ما تيسّر له من ذلك الفراغ ولو ببعض الحماقة والغفلة. والتاريخ أيضا يعلّمنا أنّ ضجيج أراذل القوم يغلب همسات أفاضلهم لمّا يعمّ الجهل وينتشر العفن ماديّا كان أومعنويّا. ولأنّنا نعيش مرحلة من أسوأ المراحل ماديّا ومعنويّا، عقائديّا وأخلاقيّا، علميّا وأدبيّا فلا غرابة أن تسود ثقافة الانحطاط كمؤشّر قويّ لانحطاط الثقافة وتصدح أصوات البلهاء وتصمت أصوات العلماء والحكماء. وبالتالي شئنا أم أبينا لا بديل لنا إلا التعايش مع هذا العفن الذي أصبح صناعة تدرّ مالا وجاها وخبزا يلهث وراءه الكثيرون، في انتظار فرج قد يكون بعيدا وقد يكون أيضا أقرب إلينا ممّا نتصوّر.
هذه المقدّمة ضرورية في تقديري، عند الحديث على الهجمة البهائميّة الشرسة التي يتعرّض لها كل صوت يغرّد خارج السرب. ولا أفشي سرًّا إذا قلت بأنّ هذا الأمر ينطبق على جلّ مناحي الحياة في تونس من إعلام وفضاءات ثقاف
يّة وغيرها. فالمؤكّد أنّه ثمّة تيّار راديكالي تقوده مجموعة من الأحزاب والمنظّمات ويوظّف عددا غير محدود من أشباه المثقّفين وصحفييّ الدرجة العاشرة ومن سار على دربهم من المتعلمنين والمتنطّعين والمسترزقين، هدفهم وضع اليد على ثقافة البلد وهويّته. هذا التيّار الذي امتدّ وتمدّد وأصبح يسيطر على قطاع كبير ليس فقط من منابر الثقافة ولكن كذلك الفضاء الالكتروني من صحف ومنتديات ومدوّنات وغيرها. والأهداف المعلنة لهذا الطابور الذي لا يتحرّج في ربط الصلة مع الصهيونيّة والامبرياليّة بداعي الانفتاح، هي دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان والتفكير الحرّ وغير ذلك من الشعارات البرّاقة. لكن المتأمّل مثلا في ما يحدث على الفايسبوك أو المدوّنات التونسية سريعا ما ينتبه إلى أنّ له أهداف تغريبيّة استئصاليّة لا يستطيع الإعلان عنها بشكل مباشر لسبب بسيط وهو تشدّقه بأنّه غير معادي للدين. لذلك يوظّف مجموعة من المريدين هنا وهناك، بعضهم يعمل بصفته المهنيّة والبعض الآخر بصفته الشخصيّة حتى يبدو الأمر وكأنّه مجرّد مبادرة عفويّة بحتة. والأخطر في هذا الأمر أنّ هذا الاستقطاب تتسارع وتيرته بشكل لافت ومقلق يوما بعد يوم تماما كوتيرة حركة التنصير التي أخذت تنتشر في البلاد بشكل مخيف.
و
الأهمّ في رأيي، هو أن يعلم بعض القرّاء -خصوصا هؤلاء الذين يعتقدون أنّ ما أقوله هنا إيتوبيا ومغرقا في تبرير نظرية المؤامرة- أنّ هذا التيّار الذي أثبت عجزه الميداني منذ بداية الستينات على تكوين قاعدة شعبيّة قويّة تخوّل له التأسيس لمشاريعه التغريبيّة الانبطاحيّة، يقوم بعمل "ما تحت أرضي" مميّز وعملاق ويحاول السيطرة على كل منافذ الإعلام والتعليم والتواصل بما فيها الانترنيت للتطبيع مع ظواهر غريبة عنّا يراها هو "صحيّة وقوام الحداثة والتقدّم" بينما تمثّل في الحقيقة عماد الغزو الثقافي ما بعد الاستعماري. وآليّته الأولى في نشر هذا الخطاب الإستئصالي هي ضرب معتقدات رجل الشارع وتربية النشأ على معتقدات أخرى تجد جذورها في ثقافات أخرى غير ثقافتنا. وكدلالة على ما أسوقه يكفي ملاحظة ما يحدث على مستوى السينما التونسية تأليفا وإخراجا وتمثيلا وتمويلا. كما لا تفوتني الإشارة لهذا الزّخم الهائل من مؤلّفات البروبغندا الليبراليّة في نسختها الإسلاموفوبيّة المخفّفة والقائمين عليها تأليفا وتقديما ونشرا. ولا تستغربوا أيضا كل هذا الإحتفاء بجامعيّين يُقدَّمون بصفاتهم العلميّة والأكاديميّة ويُدعوْن للمحضارات والمنابر الإسلاموفوبيّة ليتقيّئوا خطابا يروّج له بعض رموز الراديكاليّة الإستئصاليّة على أنّه إصلاحي، نقدي، تنويري ومجدّد في حين أنّ هذا الخطاب أقلّ ما يقال عنه أنّه نسخ محترف لمصادر الإستشراق -الأكثر تحيّزا- قديمها وحديثها، بغاية تمرير الإيديولوجيّات الإقصائية المتطرّفة التي يتبنّاها هذا الطابور.
والواقع أنّ فضاء التدوين التونسي على صغر حجمه، لا يعدّ استثناء ويعتبر من أكثر الفضا
ءات التي اجتاحها هذا التيّار المعادي للهويّة التونسية وللشخصية الوطنية المستقلّة بكلّ أبعادها. وما يفسّر هذا هو الكمّ الهائل من المدوّنات ذات البعد النيوليبرالي والشيوعي واليساري المتطرّف التي يقف وراء بعضها أشخاص على علاقة وثيقة بهذه الأحزاب ويقف وراء البعض الآخر بعض المدوّنين -والمدوّنات أيضا- من الذين ضجّت في عروقهم دماء الشباب فانخرطوا لأسباب عدّة في جهد يعتقدون من خلاله أنّهم يأسّسون لمثاليْات معيّنة وهم في الحقيقة مجرّد دمى يحرّكها بعض رموز الإستئصال عبر العلاقات الشخصيّة و"التجنيد" النفسي.
ولإيجاد الدليل على البعد الإسلاموفوبي المتطرّف والمعادي للهوية الوطنية لهذا التيار الإستئصالي، وجب النظر إلى ما نشر خلال الأشهر الستّة الأخيرة على مستوى البلوغوسفير
، كعيّنة مصغّرة تستحقّ الدراسة. وفي هذا السياق سأذكر بعض الأمثلة المعبّرة على سياسة الكيل بمكيالين التي يعتمدونها. أوّل مثال هو زيارة القرضاوي لتونس و"الفضيحة" التي اخترعوها وتنديدهم بتراجع البلاد لسنين طويلة إلى الوراء والمكاسب الحداثية للمرأة التونسية التي أضحت تواجه خطرا غير مسبوق وغير ذلك من الكلام الذي يدعو للضحك والتندّر. في المقابل، ألا تلاحظون الاحتفاء المبالغ فيه بالحجّاج الاسرائيليين الستّة ألاف الذين استقبلتهم جربة مؤخّرا وكمّ المدوّنين الذين يكتبون ويرحّبون ويفتخرون! ألم تلاحظوا أيضا الإحتفاء الذي حدث في بعض المدوّنات بحدث تعيين سفيرة لتونس في الفاتيكان ونقل أقوال البابا بخصوص تسامح تونس واعتدالها وما إلى ذلك من اللغة الخشبيّة. سؤال بسيط جدا: لو كان كلام هذا التيّار حول عدم معاداته للدين الإسلامي صحيحا، فلماذا يصل أزلامه إلى حدّ الشتم والقذف في حق رجل دين مسلم -مهما بلغت درجة الإختلاف معه- بعبارات نابية يندى لها الجبين في حين نجد كل هذا الإحتفاء والترحيب برموز الديانات الأخرى - وأحدهم هو حاخام يهود فرنسا المساند للصهيونية العالميّة؟ أليس هذا كيلا بمكيالين؟ كيف يقولون أنّهم "يدعمون" حرّية المعتقد في حين يتعاملون بهذا التمييز الواضح بين المعتقدات؟
المثال الثاني، هو "فضيحة" أخرى فجّروها تماما كسابقتها عبر علاقاتهم الوطيدة بالميدان الصحفي، تتمثّل في شجبهم لصحفي يقولون عنه أنّه إسلاميا نقل خبرا مفاده أنّ جامعيّة تسبّ ال
رّسول -عليه الصلاة والسّلام- (ولمّا كشفت عورة تجاديفهم، عادوا فيما بعد ليقولوا بأنّ الرجل لم يقل ذلك وإنّما اتّهمها فقط بالتواطئ الضّمني مع من يسبّ الرّسول -عليه الصلاة والسّلام- على صفحتها على الفايسبوك!). وبقطع النظر عن النسخة الصحيحة من الخبر، لم نر منهم موقفا واحدا يشجب الإساءات المتكرّرة التي يتعرّض لها دين غالبية مواطنيهم بل كثيرا ما وجدنا سبًّا وقذفا على مدوّنات أزلامهم هنا وهناك ونقلا لمقالات إسلاموفوبيّة تخالف كلّ أخلاقيّات المهنة الصحفيّة، ويقولون بأنّهم يجنحون إلى العقل وينادون باحترام الآخر وعقيدته وأفكاره؟ المثال الثالث هو ذلك الاستغلال الفاحش لوضعيّة المرأة والظهور بمظهر المدافع عن حقوقها وحرّياتها لغاية ضرب عقائد الناس وبعض أوكد حرّياتهم الأساسية وأوّلها حرّية اللباس وثانيها حرّية التفكير وثالثها حرّية المعتقد. وذلك عبر تصوير المحجّبة بالمعاقة ذهنيا والمنافقة وتصوير المنقّبة على أنّها تلبس زيّ النينجا حينا وزيّ الكائنات الفضائيّة أحيانا أخرى. بالطبع هذا تناقض صارخ بين الشعارات التي يرفعونها وتطبيقاتها على أرض الواقع. لذلك تصوّروا أناسا بمثل هذا التناقض وهذه الأهداف وهذه الأخلاقيّات في السلطة؟ شخصيّا، أفضّل الموت على أن أرى ذلك اليوم!
طبيع
يّ والحال هكذا أن يوجّه هؤلاء قذارة أفواههم وخسّة أساليبهم ضدّ أيّ صوت مخالف مهما كانت مرجعيّته الفكرية في تعبير واضح وصريح على الطبيعة الإقصائيّة المتطرّفة لهكذا تيّار ينخر عظام المجتمع التونسي في صمت شديد منذ عقود طويلة. ولا يمثّل ما تعرّضت وتتعرّض له مدوّنة النضال ضد الطابور الخامس حالة فريدة في هذا المجال فقد تعرّضت مدوّنات أخرى عديدة -لمدوّنين معروفين بعضهم استقال من التدوين وبعضهم الآخر لازال يصارع كمّ الغباء الهائل الذي يغرق به أزلام الاستئصال البلوغوسفير التونسي كلّ يوم،- لأشرس حملات التشويه والتقزيم بكل الطرق "الأخلاقية جدًّا" التي يتمتّع بها هؤلاء -أزلام الاستئصال-. هذا ليس جديدا ولن يتوقّف ومكتوب علينا أن يكون خبزنا اليومي رغما عنّا وقهوتنا الصباحيّة التي بدونها لا يمكن لنا أن نشعر بالنشاط كامل اليوم.
من جهتنا ومنذ البداية ارتأينا المساهمة ببعض الأفكار التي تنبع من مرجعيّتنا الفكر
يّة التي تتحيّز لتونس كدولة وشعب وتاريخ لا غير. ولسنا هنا نفاخر بوطنيّتنا ولا نزايد عليها. كما اعتمدنا في تعبيرنا على هذه الأفكار قواعد صارمة تعبّر على مدى التزامنا بأخلاقيّات لن تتوفّر يوما عند أزلام تيّار الإستئصال بصحفيّيهم وجامعيّيهم ومريديهم. وكنّا دوما مخلصات لمبادئنا وقد أثبتنا ذلك فعلا لا قولا بدل المرّة مرّات. ودعونا منذ بداية البداية الجميع إلى الحوار لأنّنا مقتنعين جدًّا بأنّنا لا نحمل الحقيقة المطلقة ولا يجوز أن نعطي الدروس لأحد. ورغم الحملة البهائميّة التي انفجرت في وجوهنا، حاولنا في أكثر من مناسبة بناء حوار حتى مع من قذفنا بأسوأ الألفاظ الجنسية التي يمكن أن تقال لامرأة. ورغم ذلك تعرّضنا لموجة أولى من الغباء كانت على مستويات مختلفة تتراوح ما بين التعبئة و"الاعتلال". خلال هذه الموجة التي واجهنا في شقّ منها سبابا جنسيا قذرا وفي شق آخر اتّهامات بانتحال شخصيات وقرصنة وغيرها، كان المبرّر الذي يسوّقونه لذلك هو أنّني مسؤولة على تصنيف مجموعة مدوّنات لا اتّفق معها في أفكارها. ورغم أنّ ذلك ليس مبرّرا كافيا لكل تلك التعبئة والتخندق والقذارة إلا أنّه تمّ الاتفاق على سحب القائمة كبادرة حسن نيّة نرغب من خلالها بناء تفاعل بنّاء يأخذ مكان التشاحن والقذف. وعقب نشر تانيت لتدوينة تناقش نموذج الديمقراطية الذي يتغنّى به أهل الذكر من منظّري تيّار الإستئصال تعرّضنا إلى موجة ثانية من السباب والاتّهام بانتحال الشخصيات وغيرها. ولابدّ أن أتوقّف هنا قليلا عند تهمة انتحال الشخصيات التي ردّدها جمع من الديكة بما فيهم شيخ ستّيني يقدّم نفسه على أنّه حافظ للتراث ويحاول جاهدا الظهور بمظهر المثقّف. هذه التهمة التي لم يبرّروها بمعطى تقني أو منطقي أو موضوعي واحد بينما ثبت وبمعطيات تقنيّة لا لبس فيها تلاعب أحدهم بنتائج التصويت على تن-بلوغز دون أن يكون للآخرين شجاعة شجب ذلك. تلك هي إذن العقلانية التي يتبجّحون بها والعقل "الخامر" الذي يجنحون إليه عند تعاملهم مع الأمور! وهنا، أرى من واجبي أن أتقدّم إلى كلّ الإخوة الذين اتّهموا باطلا بوقوفهم وراء مدوّنة النضال ضدّ الطابور الخامس، طالبة المعذرة ومتأسّفة شديد الأسف على الإزعاج والتشويه والقذف الذي طالهم باطلا وبلا دليل مادّي واحد، من وراء هذه الحملة البهائميّة القذرة لمجموعة من فاقدي الحجّة والبرهان. ويجب أن أعترف أنّهم بحملتهم القذرة تلك، تمكّنوا من تسميم الأجواء بيننا وبين بعض الإخوة المدوّنين والمدوّنات الذين نشاركهم ويشاركوننا بعض المبادئ والأفكار وكنّا نرنو إلى إرساء أرضيّة مشتركة للحوار تعوّضنا عن الكمّ الهائل من العفن الذي يسكبه الحمقى والأغبياء يوميّا في الفضاء الافتراضي. فهنيئا لهم انتصارهم في هذه الجولة.
خلال هذه الرحلة الافتراضية الشاقّة، تعرّضنا إلى عديد التهم وكان أكثرها تواترا إلصاق صفة "التخونيج" بنا من جملة قائمة طويلة من الأوصاف الرومنسيّة جدّا (الفاشيّة، محاكم تفتيش، الإرهاب الفكري، غربوفوبيا، دعاية البرافدا، ...). وللذكر هذه التهمة أصبحت لازمة شعريّة أو إيتيكات يلصقونها
بأيّ شخص يعارض أفكارهم. والدليل على ذلك أنّ الكثير من المدونين ألصقت بهم سابقا، مثلا خلال الحوار حول العلمانية وكذلك حملة 15 جوان للتدوين من أجل الإسلام في بحر السنة الماضية (2008). وثمّة من ألصقوا به تهمة القرصنة باطلا وآخر قيل بأنّه ضابط مخابرات يتخفّى وراء شخصيّة شاب. ولمن يتساءل من أين جاءتني كلّ هذه المعلومات فليعلم أنّني أتابع البلوغوسفير منذ سنوات. لذلك لم يكن "تصنيفي" للمدوّنات نابعا من فراغ.
إطلاق تهم مجانيّة كتهمة "التخونيج" تعبير صريح على نوعيّة البشر الذين يطلقونها وأخلاقيّاتهم. فالهدف هو تقزيم الخصم وإسكاته وتعبئة القرّاء ضدّه لأ
نّه من المعلوم أنّ كلمة "الخوانجي" ترتبط في المخيّلة الجماعيّة بشيئين: أصحاب اللّحى الذين يلبسون أحزمة ناسفة وضبّاط المخابرات في أقبية التعذيب. وبالتالي فهي تهمة مثاليّة لردع الخصم بشيطنته وإرهابه. وهذا أمر مضحك. مضحك فعلا -إلى حدّ البكاء- أن تجد من لا يزال يفكّر بهذه الطريقة. وها أنّ أحدهم يضيف اليوم تهمة جديدة هي "غربوفوبيا / فرانكوفوبيا"! فهل بعد هذا الغباء غباء؟!
طبعا، القدح في ديمقراطية فرنسا -حامية ك
لّ حركات التغريب- هو ما جعل هذا المتزلّف يتراجع فجأة عن قرار مقاطعته لمدوّنة النضال ضدّ الطابور الخامس وينبري في التنديد بما سمّاه هو "فرانكوفوبيا" مستعملا كالعادة كلاما في غاية التهذيب. انطلق يصيح ويطبّر ويبكي ويجمع الناس ليعبّر لهم عن إحباطه وخيبة أمله -ويصف لهم انحدار المستوى العلمي والثقافي و... و...- طبعا دون أن يناقش فكرة واحدة من الأفكار التي عرضتها تانيت، ولا ينفيها التاريخ بل يعترف بها قطاع واسع من الفرنسيّين أنفسهم وأهمّها جرائم فرنسا خلال فترة احتلال الجزائر (كالتعذيب، القتل بدم بارد، الإبادة الجماعيّة، التجارب النووية الفرنسية، التجارب النووية الإسرائلية بغطاء فرنسي، إلخ). لقد اعتدنا على هذا الطوفان من الحماقة والشخصنة وسوء الخلق الذي يهدف للتشويه والتقزيم ويهرب دائما من كلّ الأسئلة ... التي لا يستطيعون قطعا الإجابة عليها. كلمة أخيرة فقط يا طبول جيش الإستئصال: الحوار حول الإسلاموفوبيا لم يبدأ بعد!

كتبت هذا النص: عبرات، ألم و أمل في الثلاثاء، ماي 12، 2009

15 تعليقات

  1. البرباش يقول:
  2. برافو...

     
  3. البرباش يقول:
  4. برافو... حقيقة يعطيك الصحة تانيت.

     
  5. البرباش يقول:
  6. عبرات.... عفوا

     
  7. أخ البرباش:
    شكرا جزيلا لتشجيعك ولتفاعلك السريع ومرحبا بك دوما.

     
  8. Hatim يقول:
  9. Bravo pour toute cette patience, et cette détermination, " chien qui aboie ne mord pas" mais c'est encore mieux de mettre les points sur les I; Bonne continuation.

     
  10. 3amrouch يقول:
  11. درس عظيم في التحليل
    مايدوم في الواد كان حجرو
    موش مشكل اخت عبرات
    كمشة صغار تحرك فيهم ايدي مشبوهة وتوة يكبرو ويرزنو شوية
    جاءت مراهقتهم متاخرة شوية وفمة شكون استغل الفرصة ووظفهم لخدمته ليظل هو متخفيا ولا يفتضح امر اسلامافوبيته
    قطيع الغنم لازمو راعي يرميلهم لقشة سكر وهوما يتبعوه وياتمرو بامره
    ممكن اليوم افتعلت حكاية للتغطية على زيارة الحقير بابا الفاتيكان لاسرائيل واحتفائه بمحرقة حدثت منذ سنين ة(ربما لم تحدث اصلا)وتغاضيه عن محرقة حقيقية وقعت منذ اشهر
    ناس تمجد وتبارك لزيارة كمشة يهود لتونس والاغرب انهم متقلقين كيفاش ماجاوهمش برشة هذا العام
    ماتوترش اعصابك بالفارغ مفمة شيء يستحق ذلك
    شوية تفعفيع بالفاضي وتوة يسكتوا
    وحتى هاك الكمشة مفرخة عدكم بيهم كبرو وكملوا قرايتهم ودخلوا معترك الحياة وتوة ينضجوا شوية وتتبدل نظرتهم للحياة وماعادش يسمحوا لانفسهم باش يكونوا دمى متحركة في ايدي ذات صبغة استئصالية تفريقية تحب ترجع فتنة العشائر بالقوة(هاو بربر على امازيغ )او اسلاموفوبية بحته تدين بالولاء لامها فرنسا الي عاشوا فيها نصف عمرهم يمسحو في القاعة ويغسلو الصحون في المطاعم ويقلك سليم بوخذير سجين حق عام

     
  12. faouzi يقول:
  13. السلام عليكم

    تمثل كتابات ثلة من المدونين التونسيين ابرز دليل على نجاحات عمليات الالحاق الثقافي والتغريب التي تمرر بتونس منذ نصف قرن، فردود هؤلاء المتوترة دائما تتميز بكونها تقارب دفاع الضحية عن مرضه منها للمحاججة الفكرية

    فهؤلاء لايدافعون الا على توافه الامور والانحرافات، فاحدهم لاينفك يتحدث عن الخمر والاخر يتحدث كيف يستدعي صديقة لممارسة الزنا وهلم جرا

    مثل هذه الكتابات ذاتها تفضحهم وتصورهم على انهم ضحايا بامتياز، ولامعنى بالنالي لكتاباتهم لان الناس الاسوياء بقطع النظر عن دينها لاتدافع عن الممارسات الساقطة

    يجب على هؤلاء ان يبرهنوا اولا على حد ادنى من الجدية ومن الوعي لكي يصبح لكلامهم مصداقية، ثم ياتي بعد ذلك نقاش مايقولونه، ثم ياتي بعد ذلك نقاش افكار متقدمة من نوع هوية تونس وانتشار الاسلام وماشابه ذلك

     
  14. mtarka يقول:
  15. أزال المؤلف هذا التعليق.  
  16. حاتم:
    شكرا جزيلا على تشجيعك ومرحبا بك دوما.

     
  17. أخ عمروش:
    مرحبا بك وشكرا على تعليقك.
    فقطا أردت أن ألاحظ أن هذا التيار بدأ يجني ثمار ما زرع وإن تواصل الأمر على ما عليه الآن فالمصير مجهول إن لم أقل أسود.
    هذا ليس تشاؤما بقدر ماهو دعوة إلى النظر بتبصر إلى ما يحدث. لهذا يجب علينا القيام بواجبنا كمواطنين يهمهم مستقبل أولادهم وبلدهم.
    شكرا.

     
  18. أخ فوزي:
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    أوافقك في مجمل تحليلك لكن يبقى كشف الخور والتنبيه لتسونامي الرداءة والتغريب الذي يجتاح البلاد أمر مهم.
    شكرا جزيلا ومرحبا بك.

     
  19. أخ مطرقة:
    مرحبا بك وبقدراتك التنبيرية المتواضعة.

    "قريت زويز جمل، و لما ريت انك عاودت جبدت معبوكة المتعلمنين المتامرين المتصهينين، اتباع فرانسا متاع التجارب النووية في دزاير، ما لقيتش الشجاعة و لا الموتيفاسيون قال العكري بش نكمل."

    يبدو فعلا من تعليقك أنك لم تقرأ ولو كلمة واحدة من تعليقي. لكن ألا ترى معي أن المدمن على "للتسخسيخ" تماما كالمدمن على المخدرات لا يستطيع أن يتمالك نفسه أمام "شمّة". :))

    "فقط ملاحظة حبيت نسوقها، راهو الحبر الاعظم هو البابا، و كانك هاذاكا الي قصدتو، نعلمك انو راهو ماهوش فرانساوي، هاكا ألماني. ههههه"

    أيّ انت صرفت صرفت سوق ملاحظتك قدّامك واقصد ربي وما تنساش المرّة الجاية عود اقرا النص بالقدا ولا سيّب عليك. انّستك بمخّك انت زادة... :))

     
  20. mtarka يقول:
  21. أزال المؤلف هذا التعليق.  
  22. أخ مطرقة:
    يجب أن تعلم أنّه ثمّة حدود للصبر على "الريق البارد" والاستفزاز. لم أجد في تعاليقك إلى حد الآن إلاّ الاتهامات التافهة وفي كل مرّة نريد نقاشك في أفكارك تهرب من النقاش.

    http://farm4.static.flickr.com/3414/3528817674_17b1b2b710_o.jpg

    لست في عطلة حتى يكون لي ما يكفي من الوقت لاستيعاب "ريقك البارد" الذي يبدأ باتهامنا بالتخونيج وينتهي بالقومجية العربية دون أن تقدم فكرة واحدة تدعم أقوالك. وتنضم أخيرا إلى من يتهمنا بالفرانكوفوبيا عندما أستعمل عبارة يناير عوض جانفي لتعطيني درسا في ضرورة استعمال الكلمات التونسية في الوقت الذي تدافع فيه أنت (في تعليق سابق) عن استعمال الكلمات الأجنبية وتقول بأنها فخر للتونسيين.

    http://farm3.static.flickr.com/2114/3528817640_2161b0761f_o.jpg

    http://farm4.static.flickr.com/3249/3528005587_55b9671baa_o.jpg

    يجب أن يكون لك حد أدنى من الاحترام لأصحاب "المحل" وتتكلم بشكل تعبر به عن أفكارك دون أن تسقط في الاستفزاز والغوغائية والتنبير. ويجب أيضا أن ترد علينا وعلى أفكارنا لا أن تلقي شحنة من الاتهامات وتختفي. لا يوجد حوار يتكلم فيه طرف واحد فقط! (ألست تتكلم عن رحابة الصدر فأين رحابة صدرك هنا؟) واعلم أن من يريد النقاش يجب أن يظهر أن له فعلا رغبة في ذلك فهل ما تفعله دليل على رغبة حقيقية في النقاش؟؟
    على كل حال، اعلم أخ مطرقة أنه بقدر جنوحنا ورغبتنا في الحوار وتبادل الأراء بقدر عزمنا على ألا نترك لأحد فرصة ولو صغيرة للتهكم علينا أو تحقيرنا أو استفزازنا. نحن نحترم الجميع ونحترم بالدرجة الأولى من يحترمنا. أمّا من لا يحترمنا أو يحاول الإساءة إلينا بشكل متعمّد فسنؤدّبه بوسائلنا الخاصة.
    من يريد النقاش باحترام فمرحبا وأهلا وسهلا وعلى عيني وراسي ومن يريد أن "يزرّق ويطيّح القدر" فقبقاب تانيت في الانتظار. أؤكّد لك أنّه يؤلم بشدّة ولك أن تسأل من جرّبه إن أردت. آمل أن رسالتي كانت واضحة بما فيه الكفاية. وشكرا لمرورك.

     
  23. faouzi يقول:
  24. السلام عليكم

    أوافقك الاخت عبرات من انه يجب التصدي لتيار الرداءة بتونس علما ان كلمة رداءة ليست بالمصطلح المناسب لتوصيف حالة الانحطاط المتعدد الأوجه والردة التي تعانيها تونس.
    على انه ربما يحسن فهم الرداءة هذه، هل هي مرض هل هي ظاهرة ام هل هي اصلا معطى أصبح طبيعيا او هكذا يروج له

    الوضعيات الثلاث التي ذكرتها تمثل ترتيبا تصاعديا لخطورة مسالة ما

    الأمور بتونس من رايي انها اكثر من مجرد مرض، واكثر حتى من الظاهرة، بل هي وصلت لمرحلة انها صيّرت كمعطى طبيعي بفعل مكر الليل والنهار طيلة نصف قرن، من ذلك ان كل الموبقات تقريبا اصبحت تروج لديناعلى انها تقدم وان القيم عموما اصبحت تروج على انها تخلف، حتى وصلت الامور ان وسائل غسيل المخ انتجت من يتبنى محتوياتها ويعيد انتاجها وهذه مرحل خطيرة في تشكيل الاذهان، خاصة اذا عرفنا ان مجهودات تشكيل الاذهان المعنية تتمثل في عمليات الإلحاق بالقيم الغربية والاقتلاع من الجذور الاسلامية والعربية عموما

    نحن الان بتونس نواجه الجيل الثاني من اهل الباطل، الجيل الاول هو ذاك الذي زرع بذور التغريب كبورقيبة وامثاله من جيله، ولكن جاء بعده جيل تشرب تلك القيم واضاف اليها، وهو جيل يتميز بالتطرف، لان قيم الباطل التي يدافع عنها اشربت له منذ صغره، وهو يمضي بعدها في موقف الذي يدافع عن نفسه ومالاته الخاصة حينما يروج للقيم التغريبية ويتهجم على الاسلام

    ولذلك فانك ترين تطرف هؤلاء الضحايا في الدفاع عن الواقع المتردي، لان دفاعهم هو دفاع المستميت في الصد عن نفسه، انه دفاع من يتبنى فعليا تلك القيم المنحطة ويعيشها يوميا، وليس دفاع من يروج لها كمشروع فكري كما كان الجيل الاول من دعاة التغريب

    بالنسبة للحلول، في الحقيقة هناك حليين من رايي، ام اولهما فهو مواصلة الحوار واقناع من له بقية من عقل ودين من الذي لم يتورط في مراحل متقدمة من الانحراف

    واما الحل الثاني فهو تبني اعادة الفتح لتونس، بما يعنيه ذلك المصطلح من مدلولات وليس بالضرورة فتحا ماديا، حيث يبدو ان اعادة الصياغة لمجمل ادوات التثقيف و التكوين للتونسيين هي الحل الوحيد الانجع، ولكن تبقى المشكلة مطروحة ، وهي كيف يمكن ذلك

     

الحرب الإفتراضية على الإسلاموفوبيا

وكالة أنباء الحرافيش


حرب الحرافيش على شهر رمضان المعظّم: حرفوش برلين الملقّب ب"الفنان" يشوّه مقالا مسروقا ليدعم ما يقول عنه أنّ "فريضة الصيام تزيد في ارتكاب الجرائم لدى المسلمين" | محبوبة غايت: الحرفوش الجنّي يعلن النصر من طرف واحد على من وصفهم بالأطراف الظلامية وأعداء الحياة | جبهة الإعتلال: إختلاق أخبار تقول بإمكانية العودة إلى نظام تعدد الزوجات في بلد الياسمين | حملة الحرافيش على الحجاب: الحرفوش الغبيّ ينشر رسالة منقولة عن أحد رموز الصف الثاني للطابور الخامس تحذّر من انتشار الحجاب على الشواطىء ويطالب بمنع ما وصفته الرسالة بزيّ البؤس والحزن والموت ورمز الفراغ والقبح والتوحّش | مواقف الحرافيش: الحرفوش الفيّاش يصدر بيانا يدين فيه من أسماهم بجماعة "عمّار الأخضر" ويطالبهم بالإعتراف ببطولاته وأمجاده في الدفاع عمّا وصفه بحرّية التعبير ويذكر أنّ هذا البيان قد لاقى صدى واسعا لدى الحرافيش وجبهة الإعتلال حيث أعلن عدد كبير منهم دعمهم لما جاء في البيان ولحرّية الفيّاش الفكرية | إعلانات متفرّقة - شراء: أعلن الحرفوش الهالك عن صدور كتاب له ودعى كل المدوّنين إلى شرائه عبر النت | إعلانات متفرّقة - كراء: أعلن حرفوش برلين عن بتّة عموميّة لكراء عقار على ملكه كان يستغلّه كمصبّ للفضلات | شؤون المرأة: أصدر الحرفوش الغبيّ بيانا موقّع من طرف جماعة غير معروفة يعلن فيه كفره وتمرّده على ما أسماه ب"دولة الذكور" | أدب الحرافيش: حرفوش التراث يصدر معلّقة بذيئة في هجاء "مدوّني البترودولار"

أرشيف الموقع

مدوّنتنا على الفايسبوك

زوّارنا